بالمجمع عليه ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه » ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليه السلام : « بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم ».
وقد يسر الله ـ وله الحمد ـ تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخيت فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة ، إذ كان واجبة لإخواننا وأهل ملتنا ، مع ما رجونا أن تكون مشاركين لكل من اقتبس منه ، وعمل بما فيه في دهرنا هذا ، وفي غابره إلى انقضاء الدنيا ، إذ الرب جل وعز واحد والرسول محمد خاتم النبيين ـ صلوات الله وسلامه عليه وآله ـ واحد ، والشريعة واحدة وحلال محمد حلال وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، ووسعنا قليلا كتاب الحجة وإن لم نكمله على استحقاقه ، لأنا كرهنا أن نبخس حظوظه كلها.
________________________________________________________
قوله : إلا أقله ، أي أقل ذلك الجميع ، والمعنى إنا لا نعرف من أفراد التمييز الحاصل من جهة تلك القوانين المذكورة إلا الأقل ، أولا نعرف من جميع ذلك المذكور من القوانين الثلاثة إلا الأقل ، والحاصل أن الاطلاع على تلك الأمور والتوسل بها في رفع الاختلاف بين الاخبار مشكل ، إذا لعرض على الكتاب موقوف على معرفته وفهمه ، ودونه خرط القتاد ، وأيضا أكثر الاحكام لا يستنبط ظاهرا منه ، وأما أقوال المخالفين فان الاطلاع عليها مشكل لأكثر المحصلين ومع الاطلاع عليها قل ما يوجد مسئلة لم يختلفوا فيها ، ومع اختلافهم لا يعرف ما يخالفهم إلا أن يعلم ما كان أشهر وأقوى عند القضاة والحكام في زمان من صدر عنه الخبر عليه السلام وهذا يتوقف على تتبع تام لكتب المخالفين وأقوالهم ، ولا يتسر لكل أحد ، وأما الأخذ بالمجمع عليه فإن كان المراد به ما أجمع على الإفتاء به كما فهمه أكثر المتأخرين ، فالاطلاع عليه متعسر بال متعذر ، إلا أن يحمل على الشهرة فإنها وإن لم تكن حجة في نفسها يمكن كونها مرجحة لبعض الأخبار المتعارضة ، لكن يرد عليه أن الفتوى لم تكن شايعا في تلك الأزمنة السالفة ، بل كان مدارهم على نقل الأخبار ، وكانت تصانيفهم