وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبد لنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لايشركون بي شيئا (١) » فقال جندل : يا رسول الله فما خوفهم؟ قال : يا جندل في زمن كل واحد منهم جبار يعتريه ويؤذيه ، فإذا عجل الله خروج قائمنا يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. ثم قال صلىاللهعليهوآله : طوبى للصابرين في غيبته ، طوبى للمقيمين على محجتهم (٢) ، اولئك وصفهم الله في كتابه وقال : « الذين يؤمنون بالغيب (٣) » وقال : « اولئك حزب الله ألا إن حزب هم المفلحون (٤) ».
قال ابن الاسقع : ثم عاش جندل بن جنادة إلى أيام الحسين بن علي عليهالسلام ، ثم خرج إلى الطائف ، فحدثني نعيم بن أبي قيس قال : دخلت عليه بالطائف وهو عليل ، ثم إنه دعا بشربة من لبن فشربه وقال : هكذا عهد إلي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن ، ثم مات ودفن بالطائف في الموضع المعروف بالكوراء (٥).
بيان : لا يخفى ما فيه من التنافي ظاهرا بين قوله صلىاللهعليهوآله : « فإذا كانت وقت ولادة ابنه » وقول الراوي : « ثم عاش إلى أيام الحسين » فإن ولادة علي بن الحسين كان في أواخر أيام أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولا يبعد أن يكون في الخبر « فإذا كانت وقت إمامة ابنه » فصحف ، ويمكن أن يؤول قوله : « يقضي الله » بأن يكون المراد القضاء بغير الموت كالخروج من المدينة وغير ذلك من موانع رؤيته ، ويحتمل تأويلات اخر بعيدة تركناها لافهام الناظرين.
١٤٥ ـ نص : علي بن الحسن بن مندة ، عن أبي محمد هارون بن موسى ، عن محمد بن
____________________
(١) سورة النور : ٥٥.
(٢) المحجة : جادة الطريق أى وسطه.
(٣) سورة البقرة : ٣.
(٤) سورة المجادلة : ٢٢.
(٥) كفاية الاثر : ٨ و ٩.