______________________________________________________
وجه التفصيل بل هو مغيب عنا إلى أن يأذن الله بالفرج ، ثم ذكر هذه الأخبار وأمثالها ثم قال : فالوجه في هذه الأخبار أن نقول : إن صحت أنه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقت هذا الأمر في الأوقات التي ذكرت ، فلما تجدد ما تجدد تغيرت المصلحة واقتضت تأخيره إلى وقت آخر ، وكذلك فيما بعد ، ويكون وقت الأول وكل وقت يجوز أن يؤخر مشروطا بأن لا يتجدد ما تقتضي المصلحة تأخيره إلى أن يجيء الوقت الذي لا يغيره شيء ، فيكون محتوما.
وعلى هذا يتأول ما ورد في تأخير الأعمار عن أوقاتها والزيادة فيها عند الدعاء وصلة الأرحام ، وما روي في تنقيص الأعمار عن أوقاتها إلى ما قبله عند فعل الظلم وقطع الرحم وغير ذلك وهو تعالى وإن كان عالما بالأمرين فلا يمتنع أن يكون أحدهما معلوما بشرط والآخر بلا شرط ، وهذه الجملة لا خلاف فيها بين أهل العدل.
وعلى هذا يتأول أيضا ما روي من أخبارنا المتضمنة للفظ البداء ويبين أن معناها النسخ على ما يريده جميع أهل العدل فيما يجوز فيه النسخ أو تغير شروطها إن كان طريقها الخبر عن الكائنات ، لأن البداء في اللغة هو الظهور فلا يمتنع أن يظهر لنا من أفعال الله تعالى ما كنا نظن خلافه ، أو نعلم ولا نعلم شرطه ، فأما من قال بأن الله تعالى لا يعلم الشيء إلا بعد كونه فقد كفر وخرج عن التوحيد.
وقد روى الفضل بن شاذان عن محمد بن علي عن سعدان عن أبي بصير قال : قلت له : ألهذا الأمر أمر تريح إليه أبداننا وننتهي إليه؟ قال : بلى ولكنكم أذعتم فزاد الله فيه.
فالوجه فيه وفي أمثاله ما قدمنا ذكره من تغير المصلحة فيه واقتضائها تأخير الأمر إلى وقت آخر على ما بيناه ، دون ظهور الأمر له تعالى فإنا لا نقول به ولا نجوزه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.