______________________________________________________
وقال : « إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى » (١) فهم العدل والإحسان في بطن القرآن بهذه الجهات المتقدمة ، ولا ينافي ظاهرها.
وخلق سبحانه أئمة « يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ » فهم أصل جميع الفواحش والكفر والشرك والمعاصي ، وكملت فيهم حتى صارت فيهم بمنزلة الروح من الجسد ، وهم الداعون إليها ، وموالاتهم سبب للإتيان بها ، فبتلك الجهات أطلق عليهم الشرك والكفر ، والفواحش في بطن القرآن وظاهرها أيضا مراد.
فإذا عرفت ذلك لم تستبعد ما سيقرع سمعك من الأخبار الكثيرة الواردة في هذا الباب.
ويدل على جملة ما أومأنا إليه ما رواه الصفار في بصائر الدرجات عن علي بن إبراهيم عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان عن صباح المزني عن المفضل بن عمر أنه كتب إلى أبي عبد الله عليهالسلام فجاءه هذا الجواب من أبي عبد الله عليهالسلام :
إما بعد فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله وطاعته ، فإن من التقوى الطاعة والورع والتواضع لله والطمأنينة والاجتهاد والأخذ بأمره والنصيحة لرسله ، والمسارعة في مرضاته ، واجتناب ما نهى عنه ، فإنه من يتق الله فقد أحرز نفسه من النار بإذن الله ، وأصاب الخير كله في الدنيا والآخرة ، ومن أمر بالتقوى فقد أبلغ الموعظة جعلنا الله من المتقين برحمته.
جاءني كتابك فقرأته وفهمت الذي فيه ، فحمدت الله على سلامتك وعافية الله إياك ، ألبسنا الله وإياك العافية عافية الدنيا والآخرة ، كتبت تذكر أن قوما أنا أعرفهم كان أعجبك نحوهم وشأنهم ، وإنك أبلغت عنهم أمورا تروي عنهم كرهتها لهم ، ولم تر بهم إلا طريقا حسنا وورعا وتخشعا ، وبلغك أنهم يزعمون أن الدين إنما هو معرفة الرجال ، ثم بعد ذلك إذا عرفتهم فاعمل ما شئت ، وذكرت أنك
__________________
(١) سورة النحل : ٩٠.