______________________________________________________
قد عرفت أن أصل الدين معرفة الرجال ، فوفقك الله.
وذكرت أنه بلغك أنهم يزعمون أن الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج والعمرة والمسجد الحرام والمشعر الحرام والشهر الحرام هو رجل ، وأن الطهر والاغتسال من الجنابة هو رجل ، وكل فريضة افترضها الله على عباده هو رجل ، وأنهم ذكروا ذلك بزعمهم أن من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه من غير عمل ، وقد صلى وآتى الزكاة وصام وحج واعتمر واغتسل من الجنابة وتطهر وعظم حرمات الله والشهر الحرام والمسجد الحرام.
وإنهم ذكروا أن من عرف هذا بعينه وبحده وثبت في قلبه جاز له أن يتهاون وليس له أن يجتهد في العمل ، وزعموا أنهم إذا عرفوا ذلك الرجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها ، وإن لم يعملوا بها ، وأنه بلغك أنهم يزعمون أن الفواحش التي نهى الله عنها الخمر والميسر والربا والدم والميتة ولحم الخنزير هي رجل ، وذكروا أن ما حرم الله من نكاح الأمهات والبنات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت ، وما حرم على المؤمنين من النساء مما حرم الله إنما عنى بذلك نكاح نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وما سوى ذلك مباح كله.
وذكرت أنه بلغك أنهم يترادفون المرأة الواحدة ويشهدون بعضهم لبعض بالزور ، ويزعمون أن لهذا ظهرا وبطنا يعرفونه ، فالظاهر ما يتناهون عنه يأخذون به مدافعة عنهم ، والباطن هو الذي يطلبون وبه أمروا بزعمهم.
وكتبت تذكر الذي عظم من ذلك عليك حين بلغك وكتبت تسألني عن قولهم في ذلك أحلال هو أم حرام ، وكتبت تسألني عن تفسير ذلك ، وأنا أبينه حتى لا تكون من ذلك في عمى ولا شبهة ، وقد كتبت إليك في كتابي تفسير ما سألت عنه فاحفظه كله كما قال الله في كتابه : « وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ » (١) وأصفه لك بحلاله وأنفي عنك
__________________
(١) سورة الحاقة : ١٢.