______________________________________________________
يقبل ذلك منك بغير معرفة ، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة قل أو كثر ، فإنه مقبول منك.
وأخبرك أن من عرف أطاع إذا عرف وصلى وصام واعتمر ، وعظم حرمات الله كلها ، ولم يدع منها شيئا ، وعمل بالبر كله ومكارم الأخلاق كلها ، وتجنب سيئها وكل ذلك هو النبي والنبي أصله وهو أصل هذا كله ، لأنه جاء به ودل عليه وأمر به ، ولا يقبل من أحد شيء منه إلا به ، ومن عرف اجتنب الكبائر وحرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وحرم المحارم كلها ، لأن بمعرفة النبي وبطاعته دخل فيما دخل فيه النبي ، وخرج مما خرج منه النبي ، ومن زعم أنه يحلل الحلال ويحرم الحرام بغير معرفة النبي لم يحلل الله له حلالا ولم يحرم حراما ، وأنه من صلى وزكى وحج واعتمر وفعل ذلك كله بغير معرفة من افترض الله عليه طاعته لم يقبل منه شيئا من ذلك ولم يصل ولم يصم ولم يزك ولم يحج ، ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهر ولم يحرم الله حراما ، ولم يحلل الله حالا ، وليس له صلاة وإن ركع وسجد ، ولا له زكاة وإن أخرج لكل أربعين درهما درهما ، ومن عرفه وأخذ عنه أطاع الله.
وأما ما ذكرت أنهم يستحلون نكاح ذوات الأرحام التي حرم الله في كتابه ، فإنهم زعموا أنه إنما حرم علينا بذلك فإن أحق ما بدئ به تعظيم حق الله وكرامة رسوله وتعظيم شأنه ، وما حرم الله على تابعيه من نكاح نسائه من بعد قوله : « وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً » (١) وقال الله تبارك وتعالى : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ » (٢) وهو أب لهم ثم قال : « وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٥٣.
(٢) سورة الأحزاب : ٦.