______________________________________________________
شاهد غير واحد ، فإنه إذا رفعه إلى ولاة الجور أبطلوا حقه ولم يقضوا فيها بقضاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان الحق في الجور أن لا يبطل حق رجل فيستخرج الله على يديه حق رجل مسلم ويأجره الله ويجيء عدلا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعمل به.
وأما ما ذكرت في آخر كتابك أنهم يزعمون أن الله رب العالمين هو النبي ، وأنك شبهت قولهم بقول الذين قالوا في عيسى ما قالوا ، فقد عرفت السنن والأمثال كائنة لم يكن شيء فيما مضى إلا سيكون مثله ، حتى لو كانت شاة برشاء كان هيهنا مثله.
واعلم أنه سيضل قوم على ضلالة من كان قبلهم كتبت تسألني عن مثل ذلك ما هو وما أرادوا به ، أخبرك أن الله تبارك وتعالى هو خلق الخلق لا شريك له ، له الخلق والأمر والدنيا والآخرة ، وهو رب كل شيء وخالقه ، خلق الخلق وأحب أن يعرفوه بأنبيائه ، واحتج عليهم بهم ، فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الدليل على الله عبد مخلوق مربوب اصطفاه لنفسه برسالاته ، وأكرمه بها فجعله خليفته في خلقه ، ولسانه فيهم وأمينه عليهم ، وخازنه في السماوات والأرضين ، قوله قول الله ، لا يقول على الله إلا الحق من أطاعه أطاع الله ، ومن عصاه عصى الله ، وهو مولى من كان الله ربه وليه ، من أبى أن يقر له بالطاعة فقد أبى أن يقر لربه بالطاعة وبالعبودية ، ومن أقر بطاعته أطاع الله وهداه ، فالنبي مولى الخلق جميعا عرفوا ذلك أو أنكروه ، وهو الوالد المبرور فمن أحبه وأطاعه فهو الولد البار ومجانب للكبائر قد بينت لك ما قد سألتني عنه ، وقد علمت أن قوما سمعوا صفتنا هذه فلم يعقلوها ، بل حرفوها ووضعوها على غير حدودها على نحو ما قد بلغك ، وقد بريء الله ورسوله من قوم يستحلون بنا أعمالهم الخبيثة ، وقد رمانا الناس بها والله يحكم بيننا وبينهم ، فإنه يقول : « إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ » أعمالهم السيئة « وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ » (١).
__________________
(١) سورة النور : ٢٣.