إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ. وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ
______________________________________________________
متعلق الجواب والمفعولان محذوفان ، والتقدير ولو يرى الذين ظلموا أندادهم لا ينفعوا لعلموا أن القوة لله كلها لا ينفع ولا يضر غيره ، انتهى.
« وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ » قال الطبرسي (ره) فيه وجوه : أحدهما : الوصلات التي كانوا يتواصلون عليها ، الثاني : الأرحام التي كانوا يتعاطفون بها ، الثالث : العهود التي كانوا يتوادون عليها ، الرابع : تقطعت بهم أسباب أعمالهم التي كانوا يوصلونها ، الخامس : تقطعت بهم أسباب النجاة ، وظاهر الآية يحتمل الكل ، فينبغي أن يحمل على عمومه.
« وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا » يعني الاتباع « لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً » أي عودة إلى دار الدنيا وحال التكليف « فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ » أي من القادة في الدنيا « كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا » في الآخرة.
« كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ » فيه أقوال : أحدها : أن المراد المعاصي يتحسرون عليها لم عملوها ، والثاني : المراد الطاعات لم لم يعملوها وضيعوها ، الثالث : ما رواه أصحابنا عن أبي جعفر عليهالسلام هو الرجل يكسب المال ولا يعمل فيه خيرا فيرثه من يعمل فيه عملا صالحا ، فيرى الأول ما كسبه حسرة في ميزان غيره ، الرابع : أن الله سبحانه يريهم مقادير الثواب التي عرضهم لها لو فعلوا الطاعات ، فيتحسرون عليه ، لم فرطوا فيه ، والأولى العموم « وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ » أي يخلدون فيها ، انتهى.
وأقول : على تأويله عليهالسلام المراد بالأنداد أئمة الضلالة ، فإن المخالفين جعلوهم أمثالا لله ، حيث يتبعونهم فيما خالف أمر الله ، وشاركوهم مع خليفة الله ويؤيده ضمير « هم » في قوله « يُحِبُّونَهُمْ » فإن ظاهره كونهم ذوي العقول ، وإن كان قد يستعمل مثله في الأصنام لكنه خلاف الأصل ، ولعله عليهالسلام لذلك لم يتعرض له ، واستشهد بقوله : « وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا » إذ الظاهر أن المراد هؤلاء الأنداد وأتباعهم كما أومأ إليه الطبرسي رحمهالله.