فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتاب فناوله جابرا فتناوله فقبله ووضعه على عينيه وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب فقال له متى عهدك بسيدي فقال الساعة فقال له قبل الصلاة أو بعد الصلاة فقال بعد الصلاة ففك الخاتم وأقبل يقرؤه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة فلما وافينا الكوفة ليلا بت ليلتي فلما أصبحت أتيته إعظاما له فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول أجد منصور بن جمهور أميرا غير مأمور وأبياتا من نحو هذا فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل
______________________________________________________
فيدا منزل مشترك بين من يذهب من الكوفة إلى مكة أو إلى المدينة ، وكذا ما قبله من المنازل ، فإذا خرج المسافر من فيد يفترق الطريقان فإذا ذهب إلى المدينة فأول منزل ينزله الأخيرجة ، وقيل : أراد به أن المسافة بين الأخيرجة وبين المدينة كالمسافة بين فيد والمدينة ، وقيل : كانت المسافة بينها وبين الكوفة مثل ما بين فيد والمدينة وما ذكرنا أظهر كما لا يخفى ، وفي القاموس : الفيد : قلعة بطريق مكة.
« يوم جمعة » ظرف لقوله : وردنا ، وفي القاموس : طال طولا امتد فهو طويل ، وطوال كغراب ، وقال : الأدمة ما فيها السمرة ، أدم كعلم وكرم فهو أدم ، انتهى.
« قبل الصلاة » أي صلاة الزوال « ويقبض وجهه » أي كان كلما يقرأ يزداد انقباضا وعبوسا « حتى أتى على آخره » أي قرأه جميعا « حتى وافى الكوفة » أي دخلها « أجد » بصيغة المتكلم من الوجدان أي أعلمه ، وقيل : أمر من الإجادة أي أحسن الضراب والقتل وهو بعيد « غير مأمور » أي لأحد في الكوفة ، كناية عن استقلاله وكان هذا مما سمعه من الإمام عليهالسلام من الأخبار الآتية ، ومنصور بن جمهور كان واليا من قبل بني أمية على الكوفة ولاه يزيد بن وليد بعد عزل يوسف بن عمر في سنة ست وعشرين ومائة ، بعد وفاة الباقر عليهالسلام باثنتي عشر سنة « وأقبلت » أي