فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلىاللهعليهوآله فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل
______________________________________________________
والمؤمن لا يوصف ، فمن احتمل حديثهم فقد حدهم ، ومن حدهم فقد وصفهم ، ومن وصفهم بكمالهم فقد أحاط بهم وهو أعلم منهم ، وقال : نقطع عمن دونه فنكتفي بهم لأنه قال صعب على كل أحد حيث قال صعب ، فالصعب لا يركب ولا يحمل عليه ، لأنه إذا ركب وحمل عليه فليس بصعب.
وقال المفضل قال أبو جعفر عليهالسلام : إن حديثنا صعب مستصعب ذكوان أجود (١) لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، أما الصعب فهو الذي لم يركب بعد ، وأما المستصعب فهو الذي يهرب منه إذا رأى ، وأما الذكوان فهو ذكاء المؤمنين وأما الأجود فهو الذي لا يتعلق به شيء من بين يديه ولا من خلفه ، هو قول الله : « نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ » فأحسن الحديث حديثنا ، لا يحتمل أحد من الخلائق أمره بكماله حتى يحده ، لأن من حد شيئا فهو أكبر منه ، وقد شرحنا الخبر في كتابنا الكبير.
وهذه الأحاديث أكثرها في غرائب شؤونهم ونوادر أحوالهم ومعجزاتهم ، وبعضها في غوامض علوم المبدأ والمعاد وعويصات مسائل القضاء والقدر وأمثال ذلك مما تعجز عن إدراكها العقول.
« فما ورد عليكم » من كلام أبي جعفر عليهالسلام ، وقال الجوهري : اشمأز انقبض واقشعر « فردوه » أي قولوا الله ورسوله والعالم من آل محمد يعلمون معناه وما أرادوا به ، ولا يبلغ فهمنا إليه أو المعنى سلوا معناه عنهم حتى تفهموا وتلين له قلوبكم إشارة إلى قوله تعالى : « وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ » (٢).
__________________
(١) سيأتي تفسيره.
(٢) سورة النساء : ٧٣.