وركب أبو عبد الله عليهالسلام وجئت أنا وسفيان فلما كنا في بعض الطريق قال لي كما أنت حتى أنظر في هذا الحديث فقلت له قد والله ألزم أبو عبد الله رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال وأي شيء ذلك فقلت له ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله قد عرفناه والنصيحة لأئمة المسلمين من هؤلاء الأئمة الذين يجب علينا نصيحتهم معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وكل من لا تجوز شهادته عندنا ولا تجوز الصلاة خلفهم وقوله واللزوم لجماعتهم فأي الجماعة مرجئ يقول من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل
______________________________________________________
« كما أنت » أي توقف وأصله ألزم ما أنت فيه ، فالكاف زائدة وما موصولة منصوبة المحل بالإغراء « شيئا » أي غلا كما قيل ، وسفيان لما كان من صوفية العامة قائلا بإمامة الثلاثة باعتبار أن أكثر الناس المدعين للإسلام اجتمعوا عليهم أبطل السائل مذهبه بأنهم لو كانوا أئمة المسلمين لكان هذه الثلاثة أيضا منهم ، مع أنه معلوم بطلان ذلك.
« معاوية بن أبي سفيان » بتقدير حرف الاستفهام « وكل من لا تجوز » أي لا تقبل شهادته « عندنا » أي عند الشيعة القائلين بكفرهم وفسقهم وجورهم.
والمرجئة قوم يكتفون بالإيمان ويقولون لا مدخل للأعمال في الإيمان ، ولا تتفاوت مراتب الإيمان ولا يضر معه معصية.
قال في الملل والنحل : الارتجاء على معنيين : أحدهما التأخير ، قوله تعالى : « أَرْجِهْ وَأَخاهُ » (١) أي أخره وأمهله ، والثاني : إعطاء الرجاء ، وأما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح ، لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد وأما بالمعنى الثاني فظاهر ، فإنهم كانوا يقولون لا يضر مع الأيمان معصية ولا ينفع مع الكفر طاعة ، وقيل : الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى القيامة فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار ، وعلى هذا المرجئة
__________________
(١) سورة الأعراف : ١١١.