سلك ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفؤن كما تكفأ السفن في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيده « بِرُوحٍ مِنْهُ » (١) ولترفعن
______________________________________________________
فإن الغيبة امتحان للشيعة وشدة للتكليف عليهم ، وفي بعض النسخ بصيغة الواحد الغائب المجهول مع النون ، وفي بعضها بدونها ، وعلى التقديرين نسبة الاختبار إليه عليهالسلام مجاز ، ويحتمل أن يكون على بناء المعلوم من محص الصبي كمنع : عدا ومحص مني هرب ذكرهما الفيروزآبادي ، وفي النعماني : وليخملن ، من قولهم خمل ذكره وصوته خمولا : خفي ، وهو أظهر.
« حتى يقال » القائل الشيعة القائلون به عند امتداد الغيبة وغلبة اليأس « مات » الأفعال كلها بتقدير الاستفهام « ولتكفأن » على بناء المجهول من المخاطب أو الغائب من قولهم : كفأت الإناء إذا كببته وقلبته كناية عن اضطرابهم وتزلزلهم في الدين لشدة الفتن ، ولعل المراد بأخذ الميثاق قبوله يوم أخذ الله ميثاق ربوبيته ونبوة رسوله وإمامة أهل بيته كما ورد في الأخبار.
« وكتب في قلبه الإيمان » إشارة إلى قوله تعالى : « لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ ( أَبْناءَهُمْ أَوْ ) إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » وقد مر في باب الأرواح التي فيهم عليهمالسلام : وأيدهم بروح الإيمان فبه خافوا الله ، وكتابة الإيمان ، قيل : كناية عن تثبيت الإيمان في قلوبهم بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب ، وقيل : كتب في قلوبهم علامة الإيمان سمة لمن شاهدهم من الملائكة على أنهم مؤمنون « وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » قيل : أي قواهم بنور الإيمان ، وقيل : بنور الحجج والبرهان ، وقيل : بالقرآن الذي هو حياة القلوب ، وقيل : بجبرئيل في كثير من المواطن وقد مر ما في الخبر وهو أظهر.
« مشتبهة » أي على الخلق لا يدرون أهي حق أم باطل أو متشابهة يشبه بعضها بعضا ظاهرا ، « حتى لا يدري » على بناء المجهول ، أي مرفوع به أي لا يدري « أي » منها حق متميزا « من أي » منها وهو باطل ، أي لا يتميز الحق منها من الباطل
__________________
(١) سورة المجادلة : ٢٢.