١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إن في طلب الدنيا إضرارا بالآخرة وفي طلب الآخرة إضرارا بالدنيا فأضروا بالدنيا فإنها أولى بالإضرار.
______________________________________________________
الحديث الثاني عشر : حسن موثق كالصحيح.
ويومي إلى أن المذموم من الدنيا ما يضر بأمر الآخرة فأما ما لا يضر به كقدر الحاجة في البقاء والتعيش فليس بمذموم ، ولنذكر هنا معنى الدنيا وما هو مذموم منها فإن ذلك قد اشتبه على أكثر الخلق فكثير منهم يسمون أمرا حقا بالدنيا ويذمونه ، ويختارون شيئا هو عين الدنيا المذمومة ويسمونه زهدا ويشبهون ذلك على الجاهلين.
اعلم أن الدنيا تطلق على معان : « الأول » حياة الدنيا وهي ليست بمذمومة على الإطلاق وليست مما يجب بغضه وتركه بل المذموم منها أن يحب البقاء في الدنيا للمعاصي والأمور الباطلة ، أو يطول الأمل فيها ويعتمد عليها فبذلك يسوف التوبة والطاعات وينسى الموت ويبادر بالمعاصي والملاهي اعتمادا على أنه يتوب في آخر عمره عند مشيبه ولذلك يجمع الأموال الكثيرة ويبني الأبنية الرفيعة ويكره الموت لتعلقه بالأموال وحبه للأزواج والأولاد ، ويكره الجهاد والقتل في سبيل الله لحبه للبقاء أو يترك الصوم وقيام الليل وأمثال ذلك لئلا يصير سببا لنقص عمره.
والحاصل أن من يحب العيش والبقاء والعمر للأغراض الباطلة فهو مذموم ومن يحبه للطاعات وكسب الكمالات وتحصيل السعادات فهو ممدوح وهو عين الآخرة فلذا طلب الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام طول العمر والبقاء في الدنيا وقد قال سيد الساجدين عليهالسلام : عمرني ما كان عمري بذلة في طاعتك فإذا كان عمري مرتعا للشيطان فاقبضني إليك ، ولو لم يكن الكون في الدنيا صلاحا للعباد لتحصيل الذخائر