الْحَياةِ الدُّنْيا » (١) فإن دخلك من ذلك شيء فاذكر عيش رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف إذا وجده.
______________________________________________________
وتركنا اختصارا « فإن دخلك من ذلك » أي من إطماح البصر أي من جملته « شيء » أو بسببه شيء من الرغبة في الدنيا فاذكر لعلاج ذلك وإخراجه عن نفسك « عيش رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » أي طريق تعيشه في الدنيا لتسهل عليك مشاق الدنيا والقناعة فيها فإنه إذا كان أشرف المكونات هكذا تعيشه فكيف لا يرضى من دونه به ، وإن كان شريفا رفيعا عند الناس ، مع أن التأسي به صلىاللهعليهوآلهوسلم لازم.
« فإنما قوته الشعير » أي خبزه غالبا « وحلواه التمر » قال في المصباح الحلواء التي تؤكل ، تمد وتقصر وجمع الممدود حلاوي مثل صحراء وصحاري بالتشديد وجمع المقصور حلاوي بفتح الواو ، وقال الأزهري : الحلواء اسم لما يؤكل من الطعام إذا كان معالجا بحلاوة « ووقوده السعف » الوقود بالفتح الحطب وما يوقد به والسعف أغصان النخل ما دامت بالخوص ، فإن زال الخوص عنها قيل جريدة ، الواحدة سعفة ذكره في المصباح ، وفي القاموس : السعف محركة جريد النخل أو ورقه وأكثر ما يقال إذا يبست والضمير في « إن وجده » راجع إلى كل من الأمور المذكورة أو إلى السعف وحده ، وفسر بعضهم السعف بالورق ، وقال : الضمير راجع إليه ، والمعنى أنه كان يكتفي في خبز الخبز ونحوه بورق النخل ، فإذا انتهى ذلك ولم يجده كان يطبخ بالجريد ، بخلاف المسرفين فإنهم يطرحون الورق ويستعملون الجريد ابتداء.
وأقول : كأنه (ره) تكلف ذلك لأنه لا فرق بين جريد النخل وغيره في الإيقاد فأي قناعة فيه ، وليس كذلك لأن الجريد أرذل الأحطاب للإيقاد لنتنه وكثرة دخانه ، وعدم اتقاد جمرة ، وهذا بين لمن جربه.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٣١.