نزعت منه ربقة الايمان ، فاذا نزعت منه ربقة الايمان ، لم تلقه إلا شيطانا ملعونا (١).
بيان : «اذا أراد الله هلاك عبد» لعله كناية عن علمه سبحانه بسوء سريرته وعدم استحقاق اللطف «نزع منه الحياء» أي سلب التوفيق منه حتى يخلع لباس الحياء وهو خلق يمنع من القبايح والتقصير في حقوق الخلق والخالق ، «فاذا نزع منه الحياء» المانع من ارتكاب القبايح «لم تلقه إلا خائنا مخونا» وقد مر معنى الخائن وذمه.
وأما المخون فيحتمل أن يكون بفتح الميم وضم الخاء أي يخونه الناس فذمه باعتبار أنه السبب فيه ، أو المراد أنه يخون نفسه أيضا ويجعله مستحقا للعقاب فهو خائن لغيره ولنفسه ، وبهذا الاعتبار مخون ، ففي كل خيانة خيانتان أو يكون بضم الميم وفتح الخاء وفتح الواو المشددة منسوبا إلى الخيانة مشهورا به ، أو بكسر الواو المشددة أي ينسب الناس إلى الخيانة مع كونه خائنا. في القاموس : الخون أن يؤتمن الانسان فلاينصح ، خانه خونا وخيانة واختانه فهو خائن وقد خانه العهد والامانة وخونه تخوينا نسبه إلى الخيانة ونقضه «نزعت منه الامانة» لانها ضد الخيانة.
فان قيل : كان هذا معلوما لايحتاج إلى البيان ، قلت : يحتمل أن يكون المراد أنه إذا لم يبال من الخيانة يصير بالاخرة إلى أنه يسلب منه الامانة بالكلية أو المعنى أنه يصير بحيث لا يأتمنه الناس على شئ.
«لم تلقه إلا فظا غليظا» في القاموس الفظ الغليظ السيئ الخلق القاسي الخشن الكلام انتهى. والغلظة ضد الرقة ، والمراد هنا قساوة القلب وغلظته ، كما قال تعالى : «ولو كنت فظا غليظ القلب» (٢) وتفرع هذا على نزع الامانة ظاهر لان الخائن لاسيما من يعلمه الناس كذلك لابد من أن يعارض الناس ويجادلهم فيصير
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٢٩١.
(٢) آل عمران : ١٥٩.