تفسير : «واصبر نفسك» أي احبسها وثبتها قال الطبرسي رحمهالله (١) في نزولها : انها نزلت في سلمان (٢) وأبي ذر وصهيب وعمار وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله وذلك أن المؤلفة قلوبهم جاؤا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله عيينة بن حصن والاقرع بن حابس وذووهم فقالوا يا رسول الله إن جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء وروائح صنانهم (٣) وكانت عليهم جباب الصوف جلسنا نحن اليك وأخذنا عنك ، فما يمنعنا من الدخول عليك الا هؤلاء ، فلما نزلت الاية قام النبي صلىاللهعليهوآله فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من امتي ، معكم المحيا ومعكم الممات.
«مع الذين يدعون» الخ أي يدامون على الصلوات والدعاء عند الصباح والمساء لاشغل لهم غيره ، فيستفتحون يومهم بالدعاء ، ويختمونه بالدعاء «يريدون وجهه» أي رضوانه وقيل : يريدون تعظيمه والقربة اليه دون الرئاء والسمعة ، «ولاتعد عيناك عنهم» أي لا تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء الدنيا «تريد زينة الحيوة الدنيا» تريد في موضع الحال أي مريدا مجالسة أهل الشرف والغنا وكان النبي صلىاللهعليهوآله حريصا على إيمان العظماء من المشركين طمعا في إيمان أتباعهم ولم يمل إلى الدنيا وزينتها قط ولا إلى أهلها ، وإنما كان يلين في بعض الاحايين للرؤساء طعما في إيمانهم ، فعوتب بهذه الاية ، وامر بالاقبال على فقراء المؤمنين
____________________
(١) مجمع البيان ج ٦ ص ٤٦٥.
(٢) ذكر سلمان والمؤلفة قلوبهم مما يوهن ذلك فان الايات مكية وسلمان والمؤلفة قلوبهم انما اسلموا بالمدينة والظاهر اختلاط أسامي الاصحاب على الرواة.
(٣) الصنان : بالضم دفر الابط وهو رائحة الابط المنتن ، وفي الدر المنثور بدل الصنان جبابهم ، وهو الاصح فان الجباب جمع جبة وهو ثوب مقطوع الكم طويل يلبس فوق الثياب ولذلك يقول بعده «وكانت عليهم جباب الصوف» ولكن صحفت الكلمة في الاصل والمصدر بجبات.