دون إرادة الله والثواب ، وإما أن يكون مع إرادة الثواب فان كان كذلك فلا يخلو إما أن يكون إرادة الثواب أقوى وأغلب أو أضعف أو مساويا لاراءة العباد ، فيكون الدرجات أربعا.
الاولى : وهي أغلظها أن لا يكون مراده الثواب أصلا كالذي يصلي بين أظهر الناس ولو انفرد لكان لا يصلي ، فهذه الدرجة العليا من الرياء.
الثانية أن يكون له قصد الثواب أيضا ولكن قصدا ضعيفا بحيث لو كان في الخلوة لكان لا يفعله ولا يحمله ذلك القصد على العمل. ولو لم يكن الثواب لكان قصد الرياء يحمله على العمل. فهذا قريب مما قبله.
الثالثة أن يكون قصد الرياء وقصد الثواب متساويين بحيث لو كان كل واحد خاليا عن الاخر لم يبعثه على العمل ، فلما اجتمعا انبعثت الرغبة فكان كل واحد لو انفرد لا يستقل بحمله على العمل ، فهذا قد أفسد مثل ما أصلح فنرجو أن يسلم رأسا برأس لا له ولا عليه ، أو يكون له من الثواب مثل ما عليه من العقاب ، وظواهر الاخبار تدل على أنه لا يسلم.
الرابعة أن يكون اطلاع الناس مرجحا ومقويا لنشاطه ، ولو لم يكن لكان لا يترك العبادة ، ولو كان قصد الرياء لما أقدم والذي نظنه والعلم عند الله أنه لا يحبط أصل الثواب ولكنه ينقص منه أو يعاقب على مقدار قصد الرياء ، ويثاب على مقدار قصد الثواب. وأما قوله تعالى : أنا أغنى الاغنياء عن الشرك فهو محمول على ما إذا تساوى القصدان أو كان قصد الرياء أرجح.
الركن الثاني : المرائا به ، وهي الطاعات وذلك ينقسم إلى الرياء باصول العبادات وإلى الرياء بأوصافها.
القسم الاول : وهو الاغلظ الرياء بالاصول وهو على ثلاث درجات : الاولى الرياء بأصل الايمان هو أغلظ أبواب الرياء ، وصاحبه مخلد في النار ، وهو الذي يظهر كلمتي الشهادة وباطنه مشحون بالتكذيب ، ولكنه يرائي بظاهر الاسلام ، وهم المنافقون الذين ذمهم الله سبحانه في مواضع كثيرة ، وقد قال :