ذلك مما لو خلي ونفسه لكان لا يقدم عليه.
الثالثة أن يرائي بزيادات خارجة عن نفس النوافل ، كحضوره الجماعة قبل القوم ، وقصد الصف الاول ، وتوجهه إلى يمين الامام ، وما يجري مجراه ، وكل ذلك مما يعلم الله منه أنه لو حلي بنفسه لكان لا يبالي من أين وقف ومتي يحرم بالصلاة ، فهذه درجات الرياء بالنسبة إلى ما يرائي به وبعضه أشد من بعض والكل مذموم.
الركن الثالث : المرايا لاجله فان للمرائي مقصودا لا محالة ، فانما يرائي لادراك مال أو جاه أو غرض من الاغرا ض لا محالة وله أيضا ثلاث درجات.
الاولى : وهي أشدها وأعظمها أن يكون مقصدة التمكن من معصيته كالذي يرائي بعباداته ليعرف بالامانة فيولي القضاء أو الاوقاف أو أمول الايتام ، فيحكم بغير الحق ويتصرف في الاموال بالباطل ، وأمثال ذلك كثيرة.
الثانية أن يكون غرضه نيل حظ مباح من مال أو نكاح امرأة جميلة أو شريفة. فهذا رياء محظور لانه طلب بطاعة الله متاع الدنيا ولكنه دون الاول.
الثالثة أن لا يقصد نيل حظ وإدراك مال أو شبهه ، ولكن يظهر عبادته خيفة من أن ينظر إليه بعين النقص ، ولا يعد من الخاصة والزهاد ، كأن يسبق إلى الضحك أويبدر منه المزاح فيخاف أن ينظر إليه بعين الاحتقار ، فيتبع ذلك بالاستغفار وتنفس الصعداء ، وإظهار الحزن ، ويقول : ما أعظم غفلة الانسان عن نفسه ، والله يعلم منه أنه لو كان في الخلوة لما كان يثقل عليه ذلك.
فهذه درجات الرياء ومراتب أصناف المرائين ، وجميعهم تحت مقت الله وغضبه وهي من أشد المهلكات وأما ما يحبط العمل من الرياء الخفي والجلي ومالا يحبط فنقول : إذا عقد العبد العبادة على الاخلاص ثم ورد وارد الرياء ، فلا يخلو إما أن ورد عليه بعد فراغه من العمل أو قبل الفراغ ، فان ورد بعد الفراغ سرور من غير إظهار فلا يحبط العمل ، إذ العمل قد تم على نعت الاخلاص سالما من الرياء ، فما يطرء بعده فنرجو