فان الاخلاص والخضوع فيه أخلص من سائر الادعية لانقطاع الرجاء عن غيره سبحانه ، وما قيل ، من أن المعنى من غرق من ماء دموعه فلا يخفى بعده ، وعدم الاجابة لعدم عملهم بشرائطها وعدم وفائهم بعهوده تعالى كما قال تعالى : «أوفوا بعهدي اوف بعهدكم» (١) وسيأتي الكلام فيه في كتاب الدعاء إنشاء الله تعالى ولا يبعد أن يكون العقاب إشارة إلى غيبة الامام عليهالسلام.
١٥ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عمر بن يزيد قال : إني لاتعشى مع أبي عبدالله عليهالسلام إذ تلا هذه الاية «بل الانسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره» (٢) يا باحفص ما يصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس بخلاف ما يعلم الله منه ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من أسر سريرة ألبسه الله رداءها إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا (٣).
بيان : قد مر بعينه سندا ومتنا ولا اختلاف إلا في قوله : «أن يعتذر إلى الناس» وقوله : ألبسه الله « وكأنه أعاده لاختلاف النسخ في ذلك وهو بعيد ولعله كان على السهو ، وما هنا كأنه أظهر في الموضعين ، والاعتذار إظهار العذر وطلب قبوله ، وقيل : لعل المراد به هو الحث على التسوية بين السريرة والعلانية بحيث لا يفعل سرا ما لو ظهر لاحتاج إلى العذر ، ومن البين أن الخير لا يحتاج إلى العذر ، وإنما المحتاج إليه هو الشر ، ففيه ردع عن تعلق السر بالشر مخالفا للظاهر ، وهذا كما قيل لبعضهم : عليك بعمل العلانية ، قال : وما عمل العلانية؟ قال : ما إذا اطلع الناس عليك لم تستحي منه ، وهذا مأخوذ من كلام أميرالمؤمنين عليهالسلام على ما ذكره صاحب العدة حيث يقول عليهالسلام : إياك وما تعتذرمنه فانه لا تعتذر من خير ، وإياك وكل عمل في السر تستحيي منه في العلانية ، وإياك
____________________
(١) البقرة : ٤٠.
(٢) القيامة : ١٤ و ١٥.
(٣) الكافي : ج ٢ ص ٢٩٦.