رأس كل خطيئة ، والدنيا دنياءان دنيا بلاغ ودنيا ملعونة (١).
بيان : «وإن لذلك» أي لبغض الدنيا «لشعبا» اي من الصفات الحسنة والاعمال الصالحة وهي ضد شعب المعاصي ، كالتواضع مع الكبر ، والقنوع مع الحرص ، والرضا بما آتاه الله مع الحسد ، وقد مر ذكر الاضداد كلها في باب جنود العقل والجهل ، وإنما ذكرهنا معظمها «وهي ممعصية آدم» هي عند الامامية مجاز ، والنهي عندهم نهي تنزيه «فدخل ذلك» أي الحرص أو أخذ ما لا حاجة به إليه «وذلك أن أكثر ما يطلب» إنما قال : أكثر لان قدر الكفاف لا بد منه «فتشعب من ذلك» أي من ذلك المذكور ، وهو الكبر والحرص والحسد والتخصيص بالحسد بعيد معنى.
«حب النساء» أي لمحض الشهوة لا لاتباع السنة ، أو إذا انتهى إلى الحرام والشبهة «وحب الدنيا» اي حياة الدنيا وكراهة الموت ، لئلا ينافي اجتماعهن في حب الدنيا ، وإن احتمل أن يكون المراد اجتماع الخمسة أو الظرفية المجازية «وحب الرياسة» أي بغير استحقاق أو الباطلة أو لمحض الاستيلاء والغلبة «وحب الراحة» كأن النوم ايضا داخل فيها «وحب الكلام» اي بغير فائدة أو للفخر والمراء «وحب العلو» أي في المجالس أو الاعم «وحب الثروة» أي الكثرة في الاموال أو الاعم منها ومن الاولاد والعشاير والاتباع ، وروى في المحاسن عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ان أول ما عصى الله به ست : حب الدنيا ، وحب الرياسة ، وحب الطعام ، وحب النساء وحب النوم ، وحب الراحة.
قوله عليهالسلام : «والعلماء» أي الاوصياء أو الاعم وقولهم إما بالوحي أو بعلومهم الكاملة ، ثم لما كان هنا مظنة أن ارتكاب كل ما في الدنيا مذموم قسم عليهالسلام الدنيا إلى دنيا بلاغ أي تبلغ به إلى الاخرة ويحصل بها مرضاة الرب تعالى ، أو دنيا تكون بقدر الضرورة والكفاف ، فالزائد عليها ملعونة ، اي ملعون
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٣٠ وقد مر مثله تحت الرقم ٩.