صاحبها ، فالاسناد على المجاز أو هي ملعونة أي بعيدة من الله والخير والسعادة قال في النهاية : البلاغ ما يتبلغ ويتوصل به إلى الشئ المطلوب ، وفي المصباح البلغة ما يتبلغ به من العيش ولا يفضل ، يقال : تبلغ به إذا اكتفى به ، وفي هذا بلاغ وبلغة وتبلغ أي كفاية.
٣٠ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير عن ابي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن في طلب الدنيا إضرارا بالآخرة وفي طلب الآخرة إضرارا بالدنيا ، فأضروا بالدنيا فانها أحق بالاضرار (١).
بيان : يؤمى إلى أن المذموم من الدنيا ما يضر بأمر الآخرة ، فأماما لا يضر به كقدر الحاجة في البقاء والتعيش فليس بمذموم ولنذكر معنى الدنيا وما هو مذموم منها ، فان ذلك قد اشتبه على أكثر الخلق ، فكثير منهم يسمون أمرا حقا بالدنيا ويذمونه ، ويختارون شيئا هو عين الدنيا المذمومة ، ويسمونه زهدا ويشبهون ذلك على الجاهلين.
اعلم أن الدنيا تطلق على معان الاول حياة الدنيا وهي ليست بمذمومة على الاطلاق ، وليست مما يجب بغضه وتركه ، بل المذموم منها أن يحب البقاء في الدنيا للمعاصي والامور الباطلة ، أو يطول الامل فيها ويعتمد عليها ، فبذلك يسوف التوبة والطاعات ، وينسى الموت ، ويبادر بالمعاصي والملاهي ، اعتمادا على أنه يتوب في آخر عمره عند مشيبه ، ولذلك يجمع الاموال الكثيرة ، ويبنى الابنية الرفيعة ، ويكره الموت لتعلقه بالاموال ، وحبه للازواج والاولاد ، ويكره الجهاد والقتل في سبيل الله ، لحبه للبقاء ، أو يترك الصوم وقيام الليل وأمثال ذلك لئلا يصير سببا لنقص عمره.
والحاصل أن من يحب العيش والبقاء والعمر للاغراض الباطلة ، فهو مذموم ومن يحبه للطاعات وكسب الكمالات وتحصيل السعادات فهو ممدوح ، وهو عين الآخرة فلذا طلب الانبياء والاوصياء عليهمالسلام طول العمر والبقاء في الدنيا ، وقد قال
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٣١.