ولاقوة إلا بالله.
وأما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك ، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك إلا أن تخرجك من وجوب حق الله فان حق الله يحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به ولا قوة إلا بالله.
ثم حقوق الرعية فأما حقوق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم ، فانه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم وذلهم ، فما أولى من كفاكه ضعفه وذله حتى صيره لك رعية وصير حكمك عليه نافذا لا يمتنع منك بعزة ولا قوة ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا بالله : بالرحمة والحياطة والاناة وما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكرا ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه ولا قوة إلا بالله.
وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم [ قيما ] فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة فان أحسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الاموال التي في يديه راشدا وكنت لذلك آملا معتقدا وإلا كنت له خائنا و لخلقه ظالما ولسلبه وغيره متعرضا.
وأما حق رعيتك بملك النكاح فأن تعلم أن الله جعلها سكنا ومستراحا وانسا وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه ، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها ، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك لها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية ، فان لها حق الرحمة والمؤانسة ، وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لا بد من قضائها وذلك عظيم ولا قوة إلا بالله.
وأما حق رعيتك بملك اليمين فأن تعلم أنه خلق ربك ولحمك ودمك وأنك تملكه لا أنت صنعته دون الله ولا خلقت له سمعا ولا بصرا ولا أجريت له رزقا