طويلا ، أو المراد بالاعتناق جعل كل منهما يديه في عنق الآخر وبالالتزام ضمه إلى نفسه والا لتصاق به ، كما يسمى المستجار بالملتزم لذلك قوله «مغفورا لكما» منصوب بمحذوف أي ارجعا أو كونا وقيل : هو مفعول به لفعل محذوف بتقدير اعرفا مغفورا ، ونائب الفاعل ضمير مستتر في المغفور و «لكما» ظرف لغو متعلق بالمغفور فالفاء في قوله «فاستأنفا» للتعقيب أو للتفريع على اعرفا ، ومفعوله محذوف أي استأنفا العمل ، ويمكن أن يقدر حرف النداء قبل «مغفورا» أو يكون حالا عن فاعل فاستأنفا ، ويكون الضمير في «لكما» نائبا للفاعل كما هو مذهب البصريين أو النائب للفاعل الضمير المستتر في المغفور الراجع إلى مصدر المغفور كما هو مذهب ابن درستويه وأتباعه ، أو «لكما» ظرف مستقر نائب للفاعل ، كما هو مختار الكوفيين والفاء للتفريع على مضمون جملة «فاذا التزما» الخ.
وقال : السر هو التصورات الباطلة التي يلقيها الشيطان في قلب المؤمن وهويتأذى بذلك ، ولايضر بآخرته لانها محض التصور ، فيشكو ما يلقى من ذلك إلى أخيه انتهى ، والصعداء منصوب على أنه مفعول مطلق للنوع ، قال الجوهري الصعداء بالمد تنفس ممدود ، وقال : أخضلت الشئ فهو مخضل إذا بللته ، وقوله «وإن كانت» يحتمل الوصلية والشرطية «عالم السر وأخفى» إشارة إلى قوله تعالى «وإن تجهر بالقول فانه يعلم السروأخفى» (١) والمشهور بين المفسرين أن السر ماحدث به غيره خافضا به صوته ، وأخفى مايحدث به نفسه ولايلفظ به وقيل السر مايضمره الانسان فلم يظهر وأخفى من ذلك ماوسوس إليه ولم يضمره وقيل : السرما تفكرت فيه ، وأخفى مالم يخطر ببالك وعلم الله أن نفسك تحدث به بعد زمان.
وأقول : يحتمل أن يكون المراد بالسر ما خطر بباله ولم يظهر ، وأخفى ما علم أنه كان في نفسه ولم يعلم هو به ، كالرياء الخفي الذي صار باعثا لعمله.
____________________
(١) طه : ٦.