الثلاثة لا يأتي بها إلا مقيدة كقوله : أولاد نصب شركائهم يجر ومثله لا يعقلون خاطبوا وتحت عم ، وقوله : يقبل أنث حق. فإن قيل ذكر هذا تكرار لأن قوله وبلفظ أغنى عن قيده عند اتضاح المعنى. فالجواب أن قوله عند اتضاح المعنى يرده ، وليعلم أيضا أن هذه الثلاثة لم تأت في جميع الكتاب مطلقة بل المراد أنها إذا أطلقت من غير قيد يكون كذلك وذلك بحسب ما تيسر في النظم ، وإلا فقد وردت مقيدة في كثير من المواضع كقوله : قتل ارفعوا يقول يا فز يعملو ، وقوله غيبا وما تشاءون ، وقوله خف تساقط في علا ذكر صدا.
كالرّفع للنّصب اطردن وأطلقا |
|
رفعا وتذكيرا وغيبا حقّقا |
أي كذل جعل الرفع ضد النصب كقوله : يقول ارفع ألا العفو حسنا. وقوله اطردا : يعني أن هاتين الحركتين المذكورتين (١) وهما الضم والرفع يكون ضدهما الفتح والنصب كما ذكر على وجه الطرد من غير عكس ؛ لأنه تقدم أن الفتح ضده الكسر والنصب ضده الخفض طردا وعكسا ، وقوله أطلقا الخ ؛ يعني أنه ذكر هذه الأحوال الثلاثة وهي الرفع والتذكير والغيب مطلقة ويريد بها التقييد : أي يعلم من إطلاقه لها أنها المرادة لا أضدادها كقوله : وصية حزم صفا ظلا رفه ، وقوله : يكون إذ حما نفا ، وقوله : ويغلبون يحشرون رد فتا ، وقد جمع الثلاثة في بعض بيت وهو قوله : خالصة إذ يعلموا الرابع صف يفتح في روى.
وهذه أرجوزة وجيزة |
|
جمعت فيها طرقا عزيزه |
ولما فرغ من اصطلاحه أخذ في ذكر منظومته وما ذكر فيها ، فقال وهذه إلى آخر الأبيات وأرجوزة أفعولة من الرجز ، وهو ضرب من الشعر ؛ سمى بذلك لتقارب أجزائه وقلة حروفه ، وجيزة : أي مختصرة من أوجزت الكلام : إذا اختصرته وقصرته مع توفية المعنى ، وطرقا : أي روايات ومذاهب ، وعزيزة : أي قليلة الوجود كثيرة الدلالة عظيمة القدر.
ولا أقول إنّها قد فضلت |
|
حرز الأماني بل به قد كملت |
فضلت : أي غلبت في الفضل ، من فاضله ففضلته إذا غلبته في الفضل ،
__________________
(١) في بعض النسخ بعد هذا البيت : وكل ذا اتبعت فيه الشاطبي ليسهل استحضار طالب ولم يذكره أحد من الشرح ا ه.