وقوله : معا : حال منهما كما تقول مررت بزيد وعمرو معا : أي مصطحبين قوله : (لكن بوجه الهمز والمد امنعا) أشار إلى أنه قد يجتمع الإدغام الكبير مع همز ساكن أو مد منفصل أو معهما ، فإنه ذكر لأبي عمرو في كل منهما خلاف ؛ فيحتمل مع البدل والهمز أربعة أوجه (١) ، وهي : الإدغام والإظهار مع البدل ومع الهمز ، وذلك قوله تعالى : (ولما يأتهم تأويله كذلك كذّب الذين من قبلهم) يمتنع منها الإدغام مع الهمز وتجوز الثلاثة الباقية ، وكذا لو اجتمع الإدغام مع المد كقوله « قل لا أقول لّكم (٢) » ، فإنه يحتمل أربعة أوجه أيضا ، وهي : الإدغام مع المد والقصر والإظهار معهما يمتنع المد مع الإدغام ، وتجوز الثلاثة الأخرى ، فلو اجتمع مع الإدغام همز ومد فيحتمل ثمانية أوجه كقوله تعالى : (قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما) يمتنع منها ثلاثة أوجه ، وهي : الإدغام مع الهمز والمد ، والإدغام مع الهمز والقصر ، والإدغام مع البدل والمد ، وتجوز الخمسة الباقية. وهذا موضع مهم يتعين التنبيه عليه ، فلذلك نص عليه وبسط القول فيه في النشر (٣).
فكلمة مثلى مناسككم وما |
|
سلككم وكلمتين عمّما |
أي فأدغم من كلمة المثلين من مناسككم وما سلككم لا غير ، وأما من كلمتين فهو عام : أي في كل كلمتين ما لم يمنع مانع مما سيذكره في البيت الآتي ، وقوله مثلى « مناسككم » هو على حذف مضاف أي مثل حرفي مناسككم وهو في البقرة « و » ما سلككم في المدثر قوله : (وكلمتين عمما) أي اجعله عاما ولا تخصه كما خصصت الكلمة بهاتين الكلمتين فقط وذلك بالشرط المذكور في البيت الآتي :
ما لم ينوّن أو يكن تا مضمر |
|
ولا مشدّدا وفي الجزم انظر |
هذا مانع الإدغام الكبير الذي شرطه التقاء الحرفين خطا ، وسببه أن يكونا مثلين أو
__________________
(١) والأوجه الأربعة صحيحة لغة وإسنادا.
(٢) تنبه للشدة فوق الحرف المدغم فيه فهي ترسم لإيضاح وجود الإدغام.
(٣) والأفضل إذا أردت استيعابا وإحاطة بهذا أن تمعن النظر في كتاب النشر في القراءات العشر للمؤلف رحمه الله تعالى المجلد الثاني في باب الإدغام الكبرى.