وروي الكليني عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن إسماعيل القمي ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة رفعه قال : مر أمير المؤمنين عليهالسلام برجل يصلي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة وقال : نحرت صلاة الاوابين نحرك الله ، قال : فأتركها؟ قال : فقال : ( أرأيت الذي ينهى * عبدا (١) إذا صلى ) فقال أبوعبدالله عليهالسلام : وكفى بانكار علي عليهالسلام نهيا (٢).
قوله عليهالسلام ( أرأيت الذي ينهى ) الظاهر أنه قال عليهالسلام : ذلك تقية ، فانه قد ورد في الاخبار أنهم كانوا يعارضونه عليهالسلام عند نهيه عنها بهذه الاية ، أو المعنى إنى إذا قلت لا تفعل ، لاتقبل مني وتعارضني بالاية ، وعلى التقديرين أزال الصادق عليهالسلام مايتوهم منه من التجويز ، بأن إنكار أميرالمؤمنين عليهالسلام أولا كان كافيا في انزجاره ، وعلمه بحرمة الفعل ، إذ الضرب والزجر والاهانة لا تكون إلا على الحرام ، لكن السائل لما كان غبيا أو مخاصما شقيا ، وأعاد السؤال لم ير عليهالسلام المصلحة في التصريح وإعادة النهي.
وأما جواب معارضتهم فهو أنه لا ينافي مادلت الاية عليه من استحباب الصلاة في كل وقت أن يكون تعيين عدد مخصوص في وقت معين بغير نص وحجة بدعة محرمة ، كما إذا هلل رجل عند الضحى عشر مرات مثلا من غير قصد تعيين يكون مثابا مأجورا ، وإذا فعلها معتقدا أنها بهذا العدد المعين في هذا الوقت المخصوص مستحبة مطلوبة ، يكون مبتدعا ضالا سبيله إلى النار ، كمامر تحقيقه مفصلا في باب البدعة.
وأما حديث عيسى بن عبدالله فالظاهر أنه عليهالسلام أمره بذلك تقية أو اتقاء وإبقاء عليه لئلا يتضرر بترك التقية وكذا فعل أميرالمؤمنين عليهالسلام يوم صفين إما للتقية أو لغرض آخر يتعلق بخصوص هذا اليوم من صلاة حاجة أو مثلها ، إذ كون صلاة الضحى بدعة من المتواترات عند الامامية ، لاخلاف بينهم فيه.
____________________
(١) العلق : ١٠.
(٢) الكافى ج ٣ ص ٢٤٥.