وقال في النهاية : فيه شدة الحر من فيح جهنم الفيح سطوع الحر وفورانه ويقال بالواو ، وفاحت القدر تفوح وتفيح إذا غلت ، وقد أخرجه مخرج التشبيه والتمثيل ، أي كأنه نار جهنم في حرها انتهى.
وقال بعضهم : اشتكاء النار مجاز من كثرتها وغليانها ، وازدحام أجزائها بحيث يضيق عنها مكانها ، فيسعى كل جزء في إفناء الجزء الاخر ، والاستيلاء على مكانها ونفسها لهبها ، وخروج ما ينزل منها ، مأخوذ من نفس الحيوان في الهواء الدخاني الذي تخرجه القوة الحيوانية ، وينقي منه حوالي القلب.
وقوله : ( أشد ما يجدون من الحر ) خبر مبتدأ محذوف ، أي ذلك أشد وتحقيقه أن أحوال هذا العالم عكس امور ذلك العالم وآثارها ، فكما جعل المستطابات وما يستلذ بها الانسان في الدنيا أشباه نعيم الجنان ، ومن جنس ما اعدلهم فيها ليكونوا أميل إليها وأرغب فيها ، ويشهد لذلك قوله تعالى : ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) (١) كذلك جعل الشدائد المولمة والاشياء المؤذية انموذجا لاحوال الجحيم ، وما يعذب الكفرة والعصاة ليزيد خوفهم وانزجارهم عما يوصلهم إليه ، فما يوجد من السموم المهلكة فمن حرها ، وما يوجد من الصراصر المجمدة فمن زمهريرها ، وهو طبقة من طبقات الجحيم.
٢٨ ـ ثوال الاعمال : عن أبيه عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير عن عبدالرحمن بن الحجاج عن أبان بن تغلب قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : يا أبان! هذه الصلوات الخمس المفروضات ، من أقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة ، ومن لم يصلهن لمواقيتهن فذلك إليه ، إن شاء غفرله ، وإن شاء عذبه (٢).
____________________
(١) البقرة : ٢٥.
(٢) ثواب الاعمال ص ٢٧.