____________________
منها إلى صدره وطرفا منها إلى خلفه وقال : هكذا تيجان الملائكة ، يريد بذلك ما يجعل على الرأس علامة يعرف بها لا اكليل الملك ، ولذلك قيل : العمائم تيجان العرب ، والا فالعرب متى كانوا ملوكا حتى يكون تيجانهم العمائم ، مع أنهم كانوا يلبسونها في الاسفار والغزوات والغارات والحمامات.
وأما في بدر ، فلم يكن معشر المسلمين متخذين أهبة القتال ، بل كانوا خارجين طلبا للعير يودون أن غير ذات الشوكة تكون لهم ، فلم يتعلم بالعمامة يومئذ الا زبير بن العوام ، ولما نزلت الملائكة نصرة لهم في زى الابطال مع العمائم البيض ، كان يفتخر بذلك.
وانما نزلت الملائكة كذلك ترعيبا لقريش ، كما نزلت يوم حنين مع العمائم الحمر : لما صف المسلمون مع قلة عددهم واعواز الاسلحة والفرس بينهم ، توهمت قريش أن يكون للمسلمين كمين فبعثوا عمير بن وهب الجمحى فاستجال بفرسه حول العسكر ثم صوب الوادى وصعد الاتلال ورجع اليهم فقال : هم ثلاث مائة يزيدون قليلا أو ينقصون ، ليس يرى لهم كمين ومدد ، فتعجبت قريش من جسارة المسلمين مع هذه العدة والعدة كيف صفوا في مقابلهم وهم زهاء عشرة آلاف وأكثرهم الابطال ، ولما اطمأنوا أن لامدد للمسلمين تجرأ أبوجهل فقال : احملوا عليهم ، ماهم الا أكلة رأس ، ولو بعثنا اليهم عبيدنا لاخذوهم أخذا باليد.
فلما التقى الجمعان ، وحمى الوطيس ، نزلت خمسة آلاف من الملائكة مسومين ، فتراءت في أعين المشركين أن جما غفيرا من الابطال معلمين بعلامة الشجعان انحدرت من أعلى الوادى كالسيل ، يهجمون عليهم فلم قريش الا وأن هذا الجم الغفير من الشجعان كان كمينا للمسلمين ومددا لهم على قريش فصفروا استهم وانتفخ سحرهم وانهزموا مدبرين لايلوون على شئ وهكذا تنزلت الملائكة يوم حنين معلمين بالعمائم الحمر وأرعبوا المشركين.
هذا شأن نزول الملائكة مسومين بتيجان العمائم علامة الابطال ، الا أن الملائكة كانوا قد أرسلوا طرف العمامة ارسالا ، وشأن العرب ومنهم قريش أنهم كانوا يعلمون بالعمائم يغتبطون اغتباطا ، فنهى رسول الله عن كل عمة ـ اذا كانت العمة للغزو ـ الا بزى