أنه رأى قوما يصلون قدسدلوا ثيابهم فقال : كأنهم اليهود خرجوا من فهرهم ، و قال : من فهرهم أي موضع مدارسهم ، وهي كلمة نبطية أو عبرانية عربت وأصلها بهربالباء ، وقال الجوهرى : فهر اليهود بالضم مدارسهم (١) وأصلها بهر وهي عبرانية فعربت ، وروى في المشكوة عن أبي داود والترمذي باسنادهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه.
وقال الطيبي في شرحه : السدل منهى عنه مطلقا لانه من الخيلاء وفي الصلاة أشنع وأقبح ، قيل خص النهي بالمصلي لان عادة العرب شد الازار على أوساطهم حال التردد ، فاذا انتهوا إلى المجالس والمساجد أرخوا العقد وأسبلوا الازار حتى يصيب الارض ، فان ذلك أروح لهم ، وأسمح لقيامهم وقعودهم ، فنهوا عنه في الصلاة ، لان المصلي يشتغل بضبطه ، ولايأمن أن ينفصل عنه فيكون مصليا في الثوب الواحد ، وهو منهى عنه ، وربما يضم إليه جوانب ثوبه فيصدر عنه الحركات المتداركة انتهى.
وقال شارح السنة : السدل هو إرسال الثوب حتى تصب الارض ، واختلف العلماء فيه فذهب بعضهم إلى كراهية السدل في الصلاة وقال : هكذا تصنع اليهود ورخص بعض العلماء في الصلاة قال الخطابي : ويشبه أن يكونوا إنما فرقوا بين السدل في الصلاة وخارج الصلاة ، لان المصلي في مكان واحد ثابت ، وغير المصلي يمشي فيه ، فالسدل في حق الماشي من الخيلاء المنهى عنه ، وقال أحمد : إنما يكره السدل في الصلاة إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ، فأما إذا سدل على القميص فلابأس ، ومن لم يجوز على الاطلاق احتج بما روي عن ابن مسعود من أسبل إزراه في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولاحرام انتهى.
أقول : لايبعد أن يكون الذي نهى عنه أمير المؤمنين عليهالسلام هو أن يضع وسط الرداء على رأسه ويرسل طرفيه ، فانه أشبه بفعل ليهود ، ولما رواه الصدوق عن ابن بكير أنه سأل أبا عبدالله عليهالسلام عن الرجل يصلي ويرسل جانبي ثوبه ، قال :
____________________
(١) في الصحاح : مدراسهم ، وهو الصحيح ومدارسهم تحريف.