في المجلد السادس ، والغرض من إيرادها هنا الاستدلال بها على اشتراط القربة في صحة وقف المساجد وفضلها ، وجواز تخريب ما بني منها لغرض فاسد ، بل وجوبه وعدم جواز الصلاة فيما بني لذلك إن أوجب ترويج بدعتهم ، وتشييد غرضهم ، ولعل فيها إيماء إلى رجحان الصلاة في مسجد بانوها ومجاوروها والمصلون فيها من الاتقياء وأهل الطهارة والنظافة ، وإلى رجحان الطهارة والنظافة لدخولها.
فان قيل : ما ذكر يستلزم عدم جواز الصلاة في البيع والكنايس ، والمساجد التي بناها المخالفون ، قلت : لو استلزم الصلاة فيها ما اشترطناه في عدم جوازها كان الامر كذلك وما ورد من الرخصة لعلها مختصة بغير تلك الصورة.
فان قيل : إذا كان الوقف باطلا كانت ملكا لهم ، فلا يجوز الصلاة فيها بغير إذنهم قلت : إنهم يقصدون القربة في بنائها ووقفها ، لكنهم أخطأوا في أن مستحقه من وافق مذهبهم ، فوقفهم صحيح ، وظنهم فاسد ، ولا يعلم أنهم شرطوا في الوقف عدم عبادة غير أهل ملتهم فيها ، ولو ثبت أنهم شرطوا ذلك أيضا فيمكن أن يقال بصحة وقفهم ، وبطلان شرطهم المبتني على ظنهم الفاسد بخلاف مسجد الضرار ، فانه لم تكن فيها قربة أصلا ولو قيل ببطلان الوقف أيضا ففي البيع والنكايس لا يضر ذلك ، لان الملك للمسلمين وإنما قر روهم فيها لمصلحة ، بل يمكن قول مثل ذلك في مساجد المخالفين أيضا كما يظهر من كثير من الاخبار أن الارض للامام ، وبعد ظهور الحق يخرجهم منها أذلة وهم صاغرون.
وبالجملة تجويز الصلاة في تلك المواضع للشيعة ، وتقريرهم عليها في أعصار الائمة عليهمالسلام يكفينا للجواز ، وإن كان الاخوط عدم الصلاة فيها إذا علم اشتراطهم عدم صلاة الشيعة فيها عند الوقف ، وهذا نادر.
وقال الشهيد في الذكرى : يجوز اتخاذ المساجد في البيع والكنايس لرواية العيص ابن القاسم (١) عن أبي عبدالله عليهالسلام في البيع والكنايس ، هل يصلح نقضها لبناء المساجد؟ فقال : نعم ، ثم قال : المراد بنقضها نقض مالابد منه في تحقق المسجدية كالمحراب
____________________
(١) التهذيب ج ١ ص ٣٢٧ ، الكافى ج ٣ ص ٣٦٨.