لاصيام لمن لم يبيت الصيام ، أي ينويه ، من الليل.
والحاصل أن الاية تدل على أن البيات مقابل النهار كما صرح به جميع أهل اللغة والتفسير ، وقد ورد في موارد الشرع أن منتهى البيتوتة طلوع الفجر فهو نهاية الليل أيضا كما روي في الكافي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إذا جاء الليل بعد النفر الاول فبت بمنى ليس لك أن تخرج منها حتى تصبح (١). وستأتي أخبار كثيرة في ذلك يتم الاستدلال بها ، بمعونة بلك الاية وأمثالها.
السابعة : آيات الصيام من قوله تعالى ( لعلكم تتقون * أياما معدودات ) (٢) وقوله : ( فعدة من أيام اخر ) (٣) وقوله : ( احل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) (٤) ثم بيان الليلة بقوله : ( حتى يتبين لكم الخيط الابيض ) إلى قوله
____________________
(١) الكافى ج ٤ ص ٥١٢.
(٢ ـ ٣) البقرة : ١٨٣ ـ ١٨٤ ، ولفظ الايات هكذا : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون : أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) والصيام المفروض في هذه الاية هو الصوم والامساك من المغرب إلى المغرب كما هو المفروض على سائر الامم ، ومنهم اليهود وقد كانوا بمرئى المؤمنين ومسمعهم : يصومون من الاكل والشرب والجماع من المغرب إلى المغرب ، ولذلك قال عزوجل : ( كما كتب على الذين من قبلكم ) ولا تجوز في قوله تعالى ( أياما معدودات ) وقوله تعالى : ( فعدة من أيام أخر ) لان اليوم يطلق على مجموع النهار والليل وعلى ذلك فلا تعلق للايات بما كان المؤلف العلامة بصدده من البحث في تحقيق معنى النهار.
(٤) البقرة : ١٨٧ ، ولابأس بأن نتم بحث الاية ههنا ليكون القارئ على بصيرة من ذلك فنقول : لما قال عزوجل ( كتب عليكم الصيام ) صار الصوم مكتوبا عليهم كالدين على ما عرفت بيانه في كتابة الصلاة : ( ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) فوجب عليهم الصوم في ظرف معين ، وان فاتهم ذلك وجب عليهم قضاؤه ، وان فاتهم مدى عمر هم وجب على وليهم أن يصوم عنهم أو يستأجر من يصوم عنهم فلا يسقط الصوم عنهم أبدا الابالاداء.