( ثم أتموا الصيام ) فتدل ، على معنى اليوم ، وكذا ساير ماورد في الصوم بلفظ اليوم
____________________
ولما قال عزوجل ( أياما معدودات ) وأطلقه علمنا أنه لابد وأن يكون تلك الايام متعينا من حيث التكليف ، ولا تعين في أفراد الجموع غير المتناهية الا في أقله ، وهو الثلاثة مع أنه القدر المتيقن من كل جمع ، وقد كانت هذه الثلاثة أيام متعينا في كل شهر ، ولذلك قال عزوجل : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) ولعلها هى أيام العشر : ـ بضم العين وفتح الشين ـ أعنى اليوم العاشر والحادى عشر والثانى عشر ثلاثة أيام كماورد به الرواية وهى أيام التشريق.
فالظاهر أن النبى صلىاللهعليهوآله والمؤمنين كانوا يصومون تلك الايام فريضة حتى نزلت ( شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) فصاموا تمام شهر رمضان : يصومون من الغروب إلى الغروب ، وانما يفطرون مرة واحدة بين المغربين قبل العشاء ونومه ، ليتحقق مفهوم ( صوم اليوم ) وليستعد المكلف للصوم في اليوم الاتى.
وكانوا على ذلك ماشاء الله حتى جاء عام الخندق فعلم الله أنهم كانوا يختانون أنفسهم فتاب عليهم رحمة لهم وعفا عنهم وأنزل ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفى عنكم فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) فقوله عزوجل ( وابتغوا ما كتب الله لكم ) يعنى التطهير من الجنابة بالماء وان أعوزه فبالتراب ، ولذلك كانت الطهارة فرضا من أركان الصوم لو أخل به الصائم عمدا أو جهلا أو نسيانا وسهوا كان صيامه باطلا ووجب عليه القضاء.
ويستفاد من قوله تعالى ( أحل لكم ليلة الصيام ) أن جواز الاكل والشرب والجماع ظرفه عامة الليل ، وأن الليل تختتم بطلوع الفجر المعترض ، وما بعده مفتتح النهار ، ولذلك قال : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) فلو كان بعد الفجر إلى طلوع قرص الشمس من الليل أيضا لقال ( ثم اتموا الصيام إلى الليل القابل ) وهو واضح لمن تأمل صدر الاية وذيلها ، وكفى بهذا دليلا على من قال أن ما بين الطلوعين معدود من الليل.