أخرج مسلم في مقدمة صحيحه بسنده : ( عن طاووس قال : جاء هذا إلى ابن عباس ـ يعني بشير بن كعب ـ فجعل يحدّثه فقال له ابن عباس : عد لحديث كذا وكذا ، فعاد له ، ثمّ حدّثه فقال له : عد لحديث كذا وكذا فعاد له ، فقال له : ما أدري أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا؟ أم أنكرت حديثي كلّه وعرفت هذا؟ فقال له ابن عباس : إنّا كنا نحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن يُكذب عليه ، فلمّا ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه ) (١).
وأيضاً في صحيح مسلم بشرح النووي : ( عن مجاهد قال جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدّث ويقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال رسول الله ، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ، ولا ينظر إليه ، فقال : يابن عباس مالي لا أراك تسمع لحديثي ، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا تسمع؟ فقال ابن عباس : إنّا كنا مرّة إذا سمعنا رجلاً يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ابتدرته أبصارنا ، وأصغينا إليه بآذاننا ، فلمّا ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلاّ ما نعرف ) (٢).
وهكذا كان يحاقق الذي سمع منه فيستذكره بعد مدّة من سماعه ليتأكد من حفظه وضبطه ، كما في حديثه مع زيد بن أرقم ، فقد أخرج الطبراني في ( المعجم الكبير ) بسنده عن طاووس قال : قدم زيد بن أرقم وكان ابن عباس يستذكره : كيف أخبرتني عن لحم أهدي للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
____________________
(١) صحيح مسلم في المقدمة باب النهي عن الضعفاء رقم ٧.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ٨١.