جلوساً في الديوان فقال لنا نصراني : يا أهل الإسلام ، لقد أُنزِلتْ عليكم آية لو أُنزِلتْ علينا لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعه عيداً ما بقي منّا اثنان ، وهي ( اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) فلم يجبه أحد منّا ، فلقيتُ محمّد بن كعب القرطني فسألته عن ذلك ، فقال : ألا رددتم عليه؟ فقال عمر بن الخطاب : أنزلتْ على النبي وهو واقفٌ على الجبل يوم عرفة ، فلا يزال ذلك اليوم عيداً للمسلمين مابقي منهم أحد (١).
أوَّلاً : نلاحظ من خلال هذه الروايات أنّ المسلمين كانوا يجهلون تاريخ ذلك اليوم المشهود ولا يحتفلون به ، مّما دعا اليهود مرّة والنصارى أُخرى أن يقولوا لهم : لو أنّ هذه الآية فينا أُنزلت لاتخذنا يومها عيداً ، ممّا حدا بعمر بن الخطاب أن يسأل أيةُ آية؟ ولمّا قالوا : ( اليوم أكملتُ لكم دينكم ) قال : إنّي لأعلم أيّ مكان أُنزلتْ : أُنزلتْ ورسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم واقف بعرفة.
فإنّنا نشمّ رائحه الدسّ والتعتيم من خلال هذه الرواية ، وأن الذين وضعوا هذا الحديث على لسان عمر بن الخطاب في زمن البخاري أرادوا أن يوفّقوا بين آراء اليهود والنصارى في أنّ ذلك اليوم هو يوم عظيم يجب أنّ يكون عيداً ، وبين ما هم عليه من عدم الاحتفال بذلك
__________________
١ ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ : ٢٥٨ سورة المائدة ، الآية الثالثة.