والعبيد والمستضعفين الذين قدموا على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من مناطق عديدة ، وليس لهم في المدينة قبيلة ولا عشيرة أمثال أهل الصفة ، فلا يبقى معنا إلاّ نصفهم يعني الفين فقط ، وحتّى هؤلاء فهم خاضعون لرؤساء القبيلة ونظام العشيرة التي ينتمون إليها ، وقد أقرّهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك ، فكان إذا قدم عليه وفدٌ ولىّ عليهم زعيمهم وسيّدهم ، ولذلك وجدنا اصطلاحاً على تسميتهم في الإسلام بأهل الحلّ والعقد.
وإذا مانظرنا إلى مؤتمر السقيفة الذي انعقد عند وفاة الرسول مباشرة ، وجدنا أنّ الحاضرين الذين اتخذوا قرار اختيار أبي بكر خليفة لا يزيد على مائة شخص على أكثر تقدير؛ لأنّه لم يحضر من الأنصار ـ وهم أهل المدينة ـ إلاّ أسيادهم وزعماؤهم ، كما لم يحضر من المهاجرين ـ وهم أهل مكة الذين هاجروا مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إلاّ ثلاثة أو أربعة أشخاص يمثّلون قريش.
ويكفي دليلاً أن نتصوّر ماهو حجم السقيفة ، فكلّنا يعرف ما هي السقيفة التي ما كانت تخلو منها أيّ دار ، فليست هي قاعة الحفلات ولا قصر المؤتمرات ، فإذا ماقُلنا بحضور مائة شخص في سقيفة بني ساعدة ، فذلك مبالغة مّنا حتّى يفهم الباحث بأنّ المائة ألف لم يكونوا حاضرين ، ولا سمعوا حتى مادار في السقيفة إلاّ بعد زمن بعيد ، فلم