المأمون أربعين قاضياً من مشاهير القُضاة ، وأعدّ له كلّ واحد منهم أربعين مسألة ، فأجاب عليها وأفحمهم وأقرُّوا له بالأعلمية.
وإذا كان هذا الإمامُ الثامن ، ولمّا يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً عندما وقعتْ هذه المحاورة بينه وبين الفقهاء الذين أقرّوا له بالأعلمية ، فكيف يستغربُ بعدها قول الشيعة بأعلميّتهم ، مادام أنّ علماء السنّة وأئمتهم يعترفون لهم بذلك؟!
أمّا إذا أردنا تفسير القرآن بالقرآن ، فسوف نجد العديد من الآيات ترمي إلى معنى واحد ، وتبيّن بأنّه سبحانه ولحكمة بالغة اختصّ الأئمة من أهل البيت النبوي بعلم من لَدُنْه موهوب حتّى يكونوا أئمة الهدى ومصابيح الدجى.
قال تعالى : ( يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ اُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلا اُوْلُوا الألْبَابِ ) (١).
وقال أيضاً : ( فَلا اُقْسِمُ بِمَوَاقِـعِ النُّجُومِ * وَإنَّهُ لَـقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إنَّهُ لَـقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَاب مَكْـنُون * لا يَمَسُّهُ إلاّ المُطَهَّرُونَ ) (٢).
أقسمَ سبحانه في هذه الآية بقسم عظيم بأنّ القرآن الكريم له
__________________
١ ـ البقرة : ٢٦٩.
٢ ـ الواقعة : ٧٥ ـ ٧٩.