والجماعة ظاهراً ، فلا غرابة في أن يكون بينهم وبين مدرسة أهل البيت عليهمالسلام أظهر.
وكما ذكرت في مستهلّ الكتاب فإنّني سوف لن أتطرّق إلاّ إلى بعض الأمثلة بغية الاختصار ، وعلى من يريد البحث والاستزادة أن يغوص في أعماق البحر لاستخراج ما يمكنه من الحقائق الكامنة والجواهر المخفيّة.
يتفق أهل السنّة مع الشيعة في القول بأنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن للمسلمين كلّ أحكام القرآن وفسّر كلّ آياته ، ولكنهم اختلفوا في من ينبغي الرجوع إليه بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بغية التعرّف إلى ذلك البيان والتفسير : فذهب أهل السنّة إلى الاعتماد على الصحابة ـ دون تمييز ـ ومن بعدهم الأئمة الأربعة وعلماء الأُمة الإسلامية.
أما الشيعة فقالوا : إنّ الأئمة من أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هم المؤهلون لذلك وصفوة من الصحابة المنتجبين؛ فأهل البيت عليهمالسلام هم أهل الذكر الذين أمرنا اللّه تعالى بالرجوع إليهم في قوله عزَّ وجلَّ : ( فَاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) ، وهم الذين اصطفاهم اللّه تعالى
__________________
١ ـ النحل : ٤٣ ، وقد ذكرت مصادر التفسير عند أهل السنّة عدّة أقوال في تفسير هذه الآية ، منها : أنّها تعني أهل البيت عليهمالسلام ، راجع : جامع البيان للطبري ١٤ : ١٤٥ و ١٧ : ٨ ، تفسير القرطبي ١١ : ٢٧٢ ، تفسير ابن كثير ٢ : ٥٩١ ، وزعم باطلا أنّ قول الإمام الباقر عليهالسلام : « نحن أهل الذكر » الوارد في تفسير الآية بمعنى الأُمة لا أهل البيت عليهمالسلام.