وهو المعنى المرفوض للغلوّ أن يطغى الحب حتى يؤلّه المحبوب ، وينزله منزلة ليس فيها ، أو أن يطغى البغض حتى يصل إلى درجة البهت والاتهام الباطل.
والشيعة في حبّ عليّ والأئمة من ولده لم يغالوا بل أنزلوهم المنزلة المعقولة التي بوّأهم فيها رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي أنّهم أوصياء النبي وخلفاؤه ، ولم يقل أحد بنبوّتهم فضلاً عن اُلوهيّتهم ، ودع عنك قول المشاغبين الذين يدعون بأنّ الشيعة ألّهوا عليّاً وقالوا بربوبيته ، فهؤلاء إن صح الخبر لم يكونوا فرقة ولا مذهباً ولا شيعة ولا خوارج.
فما هو ذنب الشيعة إذا كان ربّ العزّة والجلالة يقول : ( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى ) (١) ، والمودّة كما هو معلوم أكبر من الحب ، وإذا كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه » (٢).
فإنّ المودة تفرض عليك أن تحرم نفسك من شيء لتود به غيرك.
وما هو ذنب الشيعة إذا كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « ياعلي أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة ، من أحبّك فقد أحبّني ومن أبغضك
__________________
١ ـ الشورى : ٢٣.
٢ ـ صحيح ابن حبان ١ : ٤٧٠ ، الجامع الصغير للسيوطي ٢ : ٧٥٣ ح ٩٩٤٠ ، مسند أحمد ٣ : ١٧٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٧٦ ح ٢٦٣٤ ، سنن النسائي ٨ : ١١٥.