هؤلاء المنافقين استطاعت السلطة الحاكمة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنْ تخفي أسمائهم فنحن اليوم لا نعرفهم ، ولا ندري كيف اندسّوا بين المسلمين ، وربّما أيضاً كانوا من رواة الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا أعطينا القدسيّة والعدالة لجميع الصحابة ، فربّما نقرأ اليوم حديثاً ، ونأخذ بمحتويات متنه على أساس أنّها أحكام شرعيّة من الله ، وتكون في الحقيقة من أحد أولئك الذين أخرجهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المسجد ، ربّما لا ندري ، وربّما الجواب في حديث حذيفة الآتي ذكره.
روى البخاري في صحيحه عن حذيفة بن اليمان قال : إنّ المنافقين اليوم شرّ منهم على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وكانوا يومئذ يسرّون واليوم يجهرون (١).
روى البخاري في صحيحه أيضاً عن حذيفة قال إنّما كان النفاق على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فأمّا اليوم ، فإنّما هو الكفر بعد الإيمان (٢).
وهذا يدلّك على أنّ حذيفة بن اليمان رضياللهعنه صاحب سر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان على علم ودراية بأولئك المنافقين ، فهو يصرّح بأنّهم يجهرون بالكفر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولولا أنّهم كانوا من ذوي السلطة والنفوذ لما خشي حذيفة من ذكر أسمائهم.
روى مسلم في صحيحه ، عن قيس قال : قلت لعمّار : أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر عليّ ، أرأيا رأيتموه ، أو شيئاً عهده إليكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : ما عهد إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئاً لم يعهده إلى الناس كافّة ، ولكنّ حذيفة أخبرني عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : في أصحابي اثنا عشر منافقاً ، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط ، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة ، وأربعة لم أحفظ ما
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ : ١٠٠.
(٢) صحيح البخاري ٨ : ١٠٠.