الحادثة الأثيمة إلى المدينة ، قام بحرق مسجد الضرار وهدمه ، وقد نزلت آيات شريفة تذكر هذا المسجد وقصّته ، قال سبحانه وتعالى في سورة التوبة : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (١).
روى في السيرة النبويّة لابن هشام : في أمر مسجد الضرار عند القفول من غزوة تبوك : قال ابن إسحاق : ثُمّ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى نزل بذي أوان ، بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار ، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه ، وهو يتجهّز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله إنّا قد بنينا مسجداً لذي العلّة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنّا نحبّ أنْ تأتينا ، فتصلّي لنا فيه ، فقال : « إنّي على جناح سفر ، وحال شغل ، أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم ، ولو قد قدمنا إنْ شاء الله لأتيناكم ، فصلّينا لكم فيه ».
فلمّا نزل بذي أوان ، أتاه خبر المسجد ، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مالك ابن الدخشم ، أخا بني سالم بن عوف ، ومعن بن عدىّ ، أو أخاه عاصم بن عدىّ ، أخا بني العجلان ، فقال : « انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدماه وحرّقاه ، فخرجا سريعين حتّى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك لمعن : أنظرني حتّى أخرج إليك بنار من أهلي. فدخل إلى أهله ، فأخذ سعفا من النخل ، فأشعل فيه ناراً ، ثُمّ خرجا يشتدّان حتّى دخلاه وفيه أهله ، فحرقاه وهدماه وتفرّقوا عنه ، ونزل فيهم من القرآن ما نزل : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، إلى آخر القصّة (٢).
__________________
(١) التوبة : ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٢) السيرة النبويّة لابن هشام ٤ : ٥٩٦.