قوله تعالى : (وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ) يعني المنافقين ، من قتل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة العقبة في غزوة تبوك ، وكانوا اثني عشر رجلاً. قال حذيفة : سمّاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى عدّهم كلّهم فقلت : ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال : « أكره أنْ تقول العرب ، لمّا ظهر بأصحابه أقبل يقتلهم بل يكفيهم الله بالدبيلة » قيل : يا رسول الله ، وما الدبيلة؟ قال : « شهاب من جهنّم ، يجعله على نياط فؤاد أحدهم حتّى تزهق نفسه » فكان كذلك أخرجه مسلم بمعناه (١).
قال ابن كثير : وروى البيهقيّ من طريق محمّد بن مسلمة ، عن أبي إسحاق ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري ، عن حذيفة بن اليمان قال : كنت آخذاً بخطام ناقة رسول الله ، أقود به وعمّار يسوق الناقة ، أو أنا أسوق الناقة ، وعمّار يقود به ، حتّى إذا كنّا بالعقبة ، إذا باثني عشر رجلاً قد اعترضوه فيها ، قال : فأنبهت رسول الله ، فصرخ بهم ، فولّوا مدبرين ، فقال لنا رسول الله : « هل عرفتم القوم » قلنا : لا ، يا رسول الله ، قد كانوا متلثّمين ، ولكنّا قد عرفنا الركب ، قال : « هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة ، وهل تدرون ما أرادوا »؟ قلنا : لا ، قال : « أرادوا أنْ يزحموا رسول الله في العقبة ، فيلقوه منها » قلنا يا رسول الله : أولا تبعث إلى عشائرهم ، حتّى يبعث إليك كلّ قوم برأس صاحبهم ، قال : « لا ، أكره أنْ يتحدّث العرب بينها ، أنّ محمّداً قاتل لقومه ، حتّى إذا أظهره الله بهم ، أقبل عليهم يقتلهم » ، ثُمّ قال : « اللّهم ارمهم بالدبيلة » قلنا : يا رسول الله ، وما الدبيلة؟ قال : « هي شهاب من نار ، يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك » (٢).
قال ابن حزم في كتابه المحلّى : وأمّا حديث حذيفة ، فساقط ; لأنّه من طريق الوليد بن جميع ، وهو هالك ، ولا نراه يعلم من وضع الحديث ، فإنّه قد روى أخباراً فيها أنّ ابا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص رضياللهعنهم
__________________
(١) تفسير القرطبي ٨ : ٢٠٧.
(٢) البداية والنهاية ٥ : ٢٥.