وفي مجمع الزوائد ، عن عليّ بن أبي طالب قال : بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخذ بيدي ، ونحن نمشي في بعض سكك المدينة ، إذ أتينا على حديقة فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها من حديقة! فقال : « إنّ لك في الجنّة أحسن منها ». ثُمّ مررنا بأخرى فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها من حديقة! قال : « لك في الجنّة أحسن منها » حتّى مررنا بسبع حدائق ، كلّ ذلك أقول : ما أحسنها ويقول : « لك في الجنّة أحسن منها ». فلمّا خلا لي الطريق اعتنقني ثُمّ أجهش باكياً ، قلت : يا رسول الله ، ما يبكيك؟ قال : « ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي ». قال : قلت : يا رسول الله ، في سلامة من ديني؟ قال : « في سلامة من دينك » (١).
وفي مجمع الزوائد أيضاً عن ابن عبّاس قال : توفي ابن لصفيّة ، عمّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فبكت عليه وصاحت ، فأتاها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال لها : « يا عمّة ، ما يبكيك »؟ قالت : توفي ابني. قال : « يا عمّة ، من توفي له ولد في الإسلام فصبر بنى الله له بيتاً في الجنّة. فسكتت. ثُمّ خرجت من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستقبلها عمر بن الخطّاب فقال : يا صفيّة ، قد سمعت صراخك ، إنّ قرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لن تغني عنك من الله شيئاً. فبكت ، فسمعها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وكان يكرمها ويحبّها فقال : « يا عمّة ، أتبكين ، وقد قلت لك ما قلت »؟ قالت : ليس ذاك أبكاني يا رسول الله ، استقبلني عمر بن الخطّاب فقال : إنّ قرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لن تغني عنك من الله شيئاً. قال : فغضب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال : « يا بلال ، هجّر بالصلاة ». فهجّر بلال بالصلاة ، فصعد المنبر صلّى الله عليه وسلّم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثُمّ قال : « ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع؟ كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ، فإنّها موصولة في الدنيا والآخرة ».
__________________
(١) مجمع الزوائد ٩ : ١١٨.