وذكر أنّ ابن عبّاس قال : خرجت من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فمررت على نفر من قريش فإذا هم يتفاخرون ويذكرون أمر الجاهلية ، فقلت : منّا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقالوا : إنّ الشجرة لتنبت في الكبا « أي في المزبلة ». قال : فمررت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته ، فقال : « يا بلال ، هجّر بالصلاة ». فحمد الله وأثنى عليه ثُمّ قال : « يا أيّها الناس ، من أنا »؟ قالوا : أنت رسول الله. قال : « انسبوني » قالوا : أنت محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب. قال : « أجل ، أنا محمّد بن عبد الله ، وأنا رسول الله ، فما بال أقوام يبتذلون أصلي؟ فوالله ، لأنا أفضلهم أصلاً ، وخيرهم موضعاً » (١).
وروى الطبراني في معجمه : حدّثنا عبدان بن أحمد ، وأبو حنيفة محمّد بن حنيفة الواسطي قالا : ثنا أحمد بن المقدام العجلي ، ثنا حمّاد بن واقد الصفّار ، ثنا محمّد بن ذكوان ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن عمر قال : إنّا لقعود بفناء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، إذ مرّت امرأة ، فقال بعض القوم : هذه ابنة محمّد. فقال رجل : إنّ مثل محمّد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن ، فانطلقت المرأة ، فأخبرت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعرف في وجهه الغضب ، حتّى قام إلى القوم فقال : « ما بال أقوال تبلغني عن أقوام ، إنّ الله عزّ وجلّ خلق السماوات والأرض سبعاً ، فاختار العليا منها فأسكنها من شاء من خلقه ، وخلق الأرض سبعاً فاختار العليا منها فاسكنها من شاء من خلقه وخلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم ، واختار من بني آدم العرب ، واختار من العرب مضر ، واختار من مضر قريشاً ، واختار من قريش بني هاشم ، واختارني من بني هاشم ، فأنا من خيار إلى خيار » (٢).
__________________
(١) مجمع الزوائد ٨ : ٢١٦.
(٢) المعجم الكبير ١٢ : ٣٤٨.