وتجد هذه الروايات في صحيحي البخاري ومسلم بنفس الأسانيد ، لكن للأسف الشديد لعدم نزاهة وإنصاف الرواة حذفوا وحرفوا في متنها ، لكنّها في مجموعها تبيّن بشكل واضح وجليّ أنّ الصحابة كانوا في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، يؤذون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المدينة المنورّة في حياته ، وتحت لواء نبوته ، ويؤذونه في أهل بيته صلىاللهعليهوآله ، وكانت ألسنتهم بذيئة على أصل النبيّ صلىاللهعليهوآله وعشيرته ، حتّى ضجّ من ذلك الأنصار ، وجاءوا يشكون إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله بذاءة قريش بحقٌه ، طالبين منه معالجة هذه الألسنة المنافقة ، أو إصدار أمر بتقتيلهم. وقد قال الهيثمي عن حديث شكوى الأنصار : رجاله رجال الصحيح!!
ولذلك كان النبيّ صلىاللهعليهوآله له حساسية شديدة من هذا الموضوع عالية جداً ، وكان ردّه دائماً شديداً ، فهو يتعامل معه على أنّه موضوعاً دينياً ، وليس موضوعاً شخصياً ، لأنّ عدم الإيمان بأسرته الطاهرة ، يساوى عدم الإيمان به صلىاللهعليهوآله ، ولذلك حسب الروايات دعاهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المسجد ، وكان غاضباً وبيّن أنسابهم ، ومن منهم في الجنّة ، ومن منهم في النار ، فاستدعى الموقف أنْ يبرك عمر على ركبتيه ويعلن التوبة بين يدي رسول الله حتّى يسكت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خوفا من أنْ يصل الدور على بقيّة الجالسين فيفضحهم ، ويظهر من هذا الموقف الشديد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ محبّة أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب عليهالسلام وأهل البيت من الإيمان وبغضهم نفاق ، ولو لا وجود من يبغضهم في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما حذّر النبيّ كلّ هذا التحذير.
روى البخاري في صحيحه : حدّثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : أخبرني أنس بن مالك : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج ، فقام عبد الله بن حذافة فقال : من أبي؟ فقال : « أبوك حذافة » ثُمّ أكثر أنْ يقول : « سلوني » فبرك عمر على ركبتيه فقال : رضينا بالله ربّاً وبالإسلام دينا ، وبمحمّد