روي في كنز العمّال ، عن عائشة ، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لأزواجه : أيتكنّ التي تنبحها كلاب الحوأب؟ فلمّا مرّت عائشة ببعض مياه بني عامر ليلاً ، نبحت الكلاب عليها ، فسألت عنه ، فقيل لها : هذا ماء الحوأب. فوقفت وقالت : ما أظنّني إلاّ راجعة ، إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذات يوم : كيف بإحداكنّ تنبح عليها كلاب الحوأب. قيل لها : يا أمّ المؤمنين! إنّما تصلحين بين الناس (١).
وروى القاضي ابن العربي ، في العواصم من القواصم وقال : قاصمة : روى قوم أنّ البيعة لمّا تمّت لعليّ ، استأذن طلحة والزبير عليّاً في الخروج إلى مكّة. فقال لهما عليّ : لعلّكما تريدان البصرة والشام. فأقسما ألا يفعلا.
وكانت عائشة بمكّة ، وهرب عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة إلى مكّة ، ويعلى بن أميّة عامل عثمان على اليمن.
فاجتمعوا بمكّة كلّهم ، ومعهم مروان بن الحكم. واجتمعت بنو أميّة. وحرضوا على دم عثمان ، وأعطى يعلى لطلحة والزبير وعائشة أربعمائة ألف درهم. وأعطى لعائشة « عسكراً » جملاً اشتراه باليمن بمائتي دينار. فأرادوا الشام ، فصدهم ابن عامر وقال : لا ميعاد لكم بمعاوية ، ولي بالبصرة صنائع ، ولكن إليها.
فجاءوا إلى ماء الحوأب ، ونبحت كلابه ، فسألت عائشة ، فقيل لها : هذا ماء الحوأب. فردّت خطامها عنه ، وذلك لِما سمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول : « صاحبة الجمل الأدئب ، التي تنبحها كلاب الحوأب؟ فشهد طلحة والزبير أنّه ليس هذا ماء الحوأب ، وخمسون رجلاً إليهم وكانت أوّل شهادة زور دارت في الإسلام.
وخرج عليّ إلى الكوفة ، وتعسكر الفريقان والتقوا ، وقال عمّار ، وقد دنا من هودج عائشة : ما تطلبون؟ قالوا : نطلب دم عثمان. قال : قتل الله في هذا اليوم
__________________
(١) كنز العمّال ١١ : ٣٣٤.