ذلك يؤدّي إلى النفاق والمخالفة والشقاق وحدوث الفتن وزوال النعم. وبالرغم من كلّ تلك النصوص النبويّة ، إلاّ أنّ غالبيّة المسلمين اصطفّوا مع معاوية ضدّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه.
ومن المعلوم عند القاصي والداني ، أنّ معاوية بن أبي سفيان كان من المبغضين أشدّ البغض لأمير المؤمنين ، ولأهل بيت النبوّة والرحمة ، حيث فرض سبّه على المنابر ، وبقيت هذه السنّة مدّة ثمانين عاماً ، وكان يأمر الصحابة بسبّه علناً ، كما ورد في أحاديث كثيرة ، نذكر واحداً منها ، ونترك الباقي في بحث اغتيال السنّة النبويّة.
روى مسلم والترمذي ـ واللفظ له ـ حدّثنا قتيبة ، أخبرنا حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : « أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ قال : أمّا ما ذكرت ; ثلاثاً قالهن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلن أسبه ، لأنّ تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعليّ وخلفه في بعض مغازيه؟ فقال له عليّ : يا رسول الله ، تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبوة بعدي ». وسمعته يقول يوم خيبر : « لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله « قال : فتطاولنا لها. فقال : « ادعوا لي عليّاً » ، قال : فأتاه وبه رمد ، في عينه ، فدفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ، وأنزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا ) (١) الآية ، دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : « اللهمّ هؤلاء أهلي » (٢).
__________________
(١) آل عمران : ٦١.
(٢) صحيح مسلم ٧ : ١٢٠ ـ ١٢١ ، سنن الترمذي ٥ : ٣٠١ ـ ٣٠٢.