مصارعهم دونه النطفة » (١) أي دون النهر ، وأنّه « والله ، لا يفلت منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة » (٢)! فكان كلّ ذلك كما أخبر به عليهالسلام ، فأدركوهم دون النهر ، وحصل ما حصل في تلك المعركة ، فقال عليّ عليهالسلام : « والله ما كذبت ، ولا كذّبت » (٣). أي أنّه قد أخبره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك.
واستعرت الحرب ، فلم ينجُ منهم إلا أقل من عشرة فرّوا هنا وهناك ، ولم يقتل من أصحاب عليّ إلا أقل من عشرة (٤).
انطفأت الحرب بهلاك الخوارج فقال عليّ عليهالسلام : « اطلبوا ذا الثدية » وذكر لهم صفته.
فطلبوه فلم يجدوه ، وعليّ عليهالسلام يقول : والله ما كَذبت ولا كُذّبت ، وانطلق معهم يفتشون عنه بين القتلى ، حتّى عثروا عليه ، ورآه كما وصفه لهم ، قال : « الله اكبر ، ما كذبت ولا كذبت » أما والله ، لولا أنْ تنكلوا عن العمل ، لأخبرتكم بما قصّ الله على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن قاتلهم مستبصراً في قتالهم ، عارفاً للحقّ الذي نحن عليه » (٥).
أورد ابن كثير ، عن البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، وغيرهم في أكثر من ثلاثين طريقاً ، عن أربعة عشر صحابيا ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد ذكر أمر هؤلاء الخوارج وصفتهم ، فقال : « في بعض ألفاظه : « يخرج قوم من أمتي ، يقرأون القرآن ، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء .. يمرقون من الإسلام ، كما يمرق السهم من الرمية » ، وفي أكثر من حديث ذكر أنّ « فيهم رجلا له عضد ليس لها ذراع ، على راس عضده مثل حلمه
__________________
(١) اُنظر مروج الذهب ٣ : ٤٢٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ٥ : ٣.
(٣) المناقب للخوارزمي : ٢٦٣.
(٤) اُنظر تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٩٣.
(٥) السنن الكبرى ٥ : ١٦٣.