وروى الهيثمي في مجمع الزوائد وقال : عن إسماعيل بن راشد قال : كان من حديث ابن ملجم لعنه الله وأصحابه : أنّ عبد الرحمن بن ملجم ، والبرك بن عبد الله ، وعمر بن بكر التميمي ، اجتمعوا بمكّة ، فذكروا أمر الناس ، وعابوا عليهم عمل ولاتهم ، ثمّ ذكروا أهل النهروان ، فترحّموا عليهم فقالوا : والله ، ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئاً ، إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربّهم ، الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم ، فلو شرينا أنفسنا ، فأتينا أئمّة الضلالة ، فالتمسنا قتلهم ، فأرحنا منهم البلاد ، وثأرنا بهم إخواننا. قال ابن ملجم ، وكان من أهل مصر : أنا أكفيكم عليّ ابن أبي طالب ...
فأمّا ابن ملجم المرادي ، فأتى أصحابه بالكوفة ، وكاتمهم أمره ، كراهية أنْ يظهروا شيئاً من أمره ، وأنّه لقي أصحابه من تيم الرباب ، وقد قتل عليّ منهم عدّة يوم النهر ، فذكروا قتلاهم فترحّموا عليهم. قال : ولقي من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها : قطام بنت الشحنة ، وقد قتل عليّ بن أبي طالب أباها ، وأخاها يوم النهر ، وكانت فائقة الجمال ، فلمّا رآها التبست بعقله ، ونسي حاجته التي جاء لها ، فخطبها ، فقالت : لا أتزوّج حتّى تشفيني ، قال : وما تشائين؟ قالت : ثلاثة آلاف ، وعبد ، وقينة ، وقتل عليّ بن أبي طالب ، فقال : هو مهر لك ، فأمّا قتل عليّ بن أبي طالب ، فما أراك ذكرتيه وأنت تريدينه ، قالت : بلى فالتمس غرّته ، فإنْ أصبته شفيت نفسك ونفسي ، ونفعك معي العيش ، وإنْ قُتلت ، فما عند الله عزّ وجلّ خير من الدنيا وزبرج أهلها. فقال : ما جاء بي إلى هذا المصر إلاّ قتل عليّ ، قالت : فإذا أردت ذلك فأخبرني حتّى أطلب لك من يشدّ ظهرك ، ويساعدك على أمرك ، فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له : وردان ، فكلّمته ، فأجابها ، وأتى ابن ملجم رجلاً من أشجع ، يقال له : شبيب بن نجدة ، فقال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال : وما ذاك؟ قال : قتل عليّ ، قال : ثكلتك أمّك ، لقد جئت شيئاً إدّاً ، كيف تقدر على قتله؟ قال : أكمن له في السحر ، فإذا خرج إلى صلاة الغداة