شددنا عليه فقتلناه ، فإنْ نجونا ، شفينا أنفسنا ، وأدركنا ثأرنا ، وإنْ قتلنا ، فما عند الله خير من الدنيا وزبرج أهلها. قال : ويحك ، لو كان غير عليّ كان أهون عليّ ، قد عرفت بلاءه في الإسلام ، وسابقته مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وما أجدني أشرح لقتله. قال : أما تعلم أنّه قتل أهل النهروان العبّاد المصلّين؟ قال : بلى ، قال : نقتله بما قتل من إخواننا ، فأجابه ، فجاءوا حتّى دخلوا على قطام ، وهي في المسجد الأعظم معتكفة فيه ، فقالوا لها : قد اجتمع رأينا على قتل عليّ. قالت : فإذا أردتم ذلك فأتوني ، فجاء فقال : هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبيّ ، أنْ يقتل كلّ واحد منّا صاحبه ، فدعت لهم بالحرير فعصّبتهم ، وأخذوا أسيافهم ، وجلسوا مقابل السدّة التي يخرج منها عليّ ، فخرج [ عليّ رضياللهعنه ] لصلاة الغداة ، فجعل يقول : « الصلاة الصلاة » فشدّ عليه شبيب فضربه بالسيف ، فوقع السيف بعضادي الباب ، أو بالطاق ، فشدّ عليه ابن ملجم فضربه [ بالسيف ] على قرنه وهرب وردان حتّى دخل منزله ، ودخل عليه رجل من بني أسيد وهو ينزع السيف والحديد عن صدره ، فقال : ما هذا السيف والحديد؟ فأخبره بما كان ، فذهب إلى منزله ، فجاء بسيفه ، فضربه حتّى قتله ، وخرج شبيب نحو أبواب كندة ، فشدّ عليه الناس إلا أنّ رجلاً يقال له : عويمر ، ضرب رجله بالسيف فصرعه ، وجثم عليه الحضرمي ، فلمّا رأى الناس قد أقبلوا في طلبه ، وسيف شبيب في يده ، خشي على نفسه ، فتركه فنجا بنفسه ، ونجا شبيب في غمار الناس. وخرج ابن ملجم ، فشدّ عليه رجل من همذان يكنى : أبا أدما ، فضرب رجله فصرعه ، وتأخّر عليّ ، ودفع في ظهر جعدة بن هبيرة ابن أبي وهب ، فصلّى بالناس الغداة ، وشدّ عليه الناس من كلّ جانب.
وذكروا أنّ محمّد بن حنيف قال : والله إنّي لأصلّي تلك الليلة [ التي ضرب فيها عليّ ] في المسجد الأعظم قريباً من السدّة في رجال كثيرة من أهل المصر ، ما فيها إلاّ قيام وركوع وسجود ما يسأمون من أول الليل إلى آخره ، إذ خرج عليّ لصلاة الغداة ، وجعل ينادي : « أيّها الناس ، الصلاة الصلاة » ، فما أدري أتكلّم بهذه