حازم قال : لمّا حضر الحسن ، قال للحسين : ادفني عند أبي ، يعني النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، إلاّ أنْ تخافوا الدماء ، فادفنّي في مقابر المسلمين ، فلمّا قبض ، تسلّح الحسين وجمع موإليه ، فقال له أبو هريرة : أنشدك الله ووصيّة أخيك ، فإنّ القوم لن يدعوك حتّى يكون بينكم دماء ، فدفنه بالبقيع ، فقال أبو هريرة : أرأيتم لو جيء بابن موسى ليدفن مع أبيه ، فمنع ، أكانوا قد ظلموه؟ فقالوا : نعم. قال : فهذا ابن نبي الله صلّى الله عليه وسلّم قد جيء ليدفن مع أبيه. وعن رجل ، قال : قال أبو هريرة مرّة يوم دفن الحسن : قاتل الله مروان ، قال : والله ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وقد دفن عثمان بالبقيع (١).
روى الذهبي في سير أعلام النبلاء ، عن الواقدي ، حدّثنا عبيد الله بن مرداس ، عن أبيه ، عن الحسن بن محمّد ابن الحنفيّة قال : جعل الحسن يوعز للحسين : يا أخي ، إيّاك أنْ تسفك دماً ، فإنّ الناس سراع إلى الفتنة. فلمّا توفي ، ارتجّت المدينة صياحاً ، فلا تلقى إلا باكياً ، وأبرد مروان إلى معاوية بخبره ، وأنّهم يريدون دفنه مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، ولا يصلون إلى ذلك أبدا وأنا حي ، فانتهى حسين إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : احفروا ، فنكب عنه سعيد ابن العاص ، يعني أمير المدينة ، فاعتزل ، وصاح مروان في بني أميّة ، ولبسوا السلاح ، فقال له حسين : يا ابن الزرقاء ، مالك ولهذا! أوال أنت؟ فقال : لا تخلص إلى هذا وأنا حي ، فصاح الحسين بحلف الفضول ، فاجتمعت هاشم ، وتيم ، وزهرة ، وأسد في السلاح ، وعقد مروان لواء ، وكانت بينهم مراماة. وجعل عبد الله بن جعفر يلحّ على الحسين ويقول : يا ابن عمّ ، ألم تسمع إلى عهد أخيك ، أذكّرك الله أنْ تسفك الدماء ; وهو يأبى : قال الحسن بن محمّد : فسمعت أبي يقول لقد رأيتني
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٣ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦.